أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةأخبار وتقاريرتقارير ومقابلاتومضات

 حكومة إسرائيلية بمشاركة عربية… مرحلة جديدة أم تجليات المرحلة الراهنة؟!

عائشة حجار

 

أدّت هذا الاسبوع، إحدى أغرب تشكيلات الحكومات الاسرائيلية، يمين الولاء للكنيست والقوانين الإسرائيلية، وكان لافتا دخول “القائمة العربية الموحدة”، إلى الحكومة تحت رئاسة حزب “يمينا” المتطرف، والذي تعهد رئيسه، رئيس الحكومة الاسرائيلية الحالي، نفتالي بينت، بتوسيع الاستيطان واستمرار السياسة الامنية الاسرائيلية في خطابه الأول.

لقراءة الخارطة السياسية الاسرائيلية وموقع فلسطينيي الداخل عليها وخارجها، حاورت صحيفة “المدينة” الباحثيْن د. ابراهيم خطيب ود. مهند مصطفى، في استعراض سياسي للمشهد السياسي الحالي وتوقعاتهما المستقبلية.

 

خطيب: العمل على بعض المشاريع المادية سيكون على حساب المطالب الجماعية

للوقوف على تأثير دخول قائمة عربية إلى الائتلاف الحكومي الاسرائيلي، وقراءة العلاقة بين فلسطينيي الداخل شعبًا وقيادة والمؤسسة الاسرائيلية حاورت “المدينة” الباحث المختص بالهوية الفلسطينية د. ابراهيم خطيب.

 

ماذا يعني تغيير رئيس الحكومة بعد 12 عامًا بالنسبة لفلسطينيي الداخل؟

خطيب: أعتقد أن تغيير رئيس الحكومة الاسرائيلية لا يعني بالضرورة تغيير النهج الاسرائيلي. فنهج الحكومات الإسرائيلية المتعاقبة، كان نهجًا مجحفًا تجاه فلسطينيي الداخل يراهم كأعداء أو يصفهم بالطابور الخامس، وبالتالي لا يمكن التعويل على تغيير رئاسة الحكومة الاسرائيلية بعد 12 عامًا، مع الأخذ بعين الاعتبار أن السياسات الاسرائيلية التي تدمج ما بين سياسة الاحتواء وسياسة اقصاء فلسطينيي الداخل ستستمر، وعليه فهذه فترة ستزداد بها إلى حد معيّن سياسة الاحتواء عبر ضخ بعض الأموال للعمل على بعض المشاريع المطلبية للفلسطينيين في الداخل، لكن هذا سيكون على حساب المطالب الجماعية للفلسطينيين. بالتالي فحكومة جديدة ليست بالضرورة نهجًا جديدًا ورؤية مختلفة لفلسطينيي الداخل تصل وتلامس تطلعاتهم بل استمرار لنهج قائم بأدوات مختلفة.

بشكل عام، ما هي العلاقة بين الوضع السياسي لفلسطينيي الداخل والخارطة السياسية الاسرائيلية؟

خطيب: ما قبل الهبة الأخيرة، كان الوضع يتسم بحالة من الركود والضبابية وعدم الوضوح، وعدم وجود عمل سياسي واضح للفلسطينيين في الداخل ممثلًا بالأحزاب السياسية، وبالتالي كانت هناك حالة من الركود السياسي، تخيّم على الحلبة السياسية الخاصة بالفلسطينيين في الداخل. لكن يبدو أن الهبة الأخيرة أثبتت وجود حالة من التباعد بين القيادة السياسية التقليدية المتمثلة بالأحزاب القائمة، وبين جزء من الجمهور. هذه الحالة أدّت بنا إلى هذه العلاقة المركّبة مع الحكومة الاسرائيلية، بدأت بالتوصية على غانتس السنة الماضية، إلى أن وصلنا اليوم إلى المشاركة المباشرة في الحكومة. كل ذلك نابع من عدم وجود رؤية وأهداف سياسية تجمع الكل الفلسطيني ضمن رؤية حزبية أو جامعة ضمن لجنة المتابعة، وبالتالي هذه الحالة من ضمور العمل السياسي ومن تراجعه التقليدي وعدم وجود عمل سياسي قوي، أدّت إلى علاقة غير مفهومة ومتخبطة مع المؤسسة الاسرائيلية.

 

ماذا يعني دخول حزب عربي إلى الائتلاف الحكومي؟

خطيب: ما يميّز الحالة التي نعيشها من دخول القائمة الموحدة إلى الائتلاف الحكومي الجديد، هو ثلاثة أمور، أولًا، أنها جاءت بناء على توازنات سياسية اسرائيلية احتاجت إلى أن يكون بعض النواب الذين يصوتون الى جانب الحكومة. أي أنها ليست برغبة اسرائيلية سياسية لضم الفلسطينيين في الداخل وقيادتهم السياسية، أو جزء منها خلال الحكومة الاسرائيلية، إنما نابع من احتياجات تكتيكية لا أكثر، الأمر الثاني، أنه مع هذه الحالة كان هناك تشديد من قبل الأحزاب الاسرائيلية أن هذا يجب أن يترافق مع خطاب سياسي منزوع المطالب الهوياتية، منزوع المطالب الجماعية للفلسطينيين في الداخل، ويركّز على قضايا مطلبية حياتية، حتى أنها لا تصل إلى مطالب المواطنة، بل هي قضايا مطلبية اقتصادية ليس أكثر. كما يشير البيان الأساسي للحكومة بأن هذه الحكومة ستعمل على قضايا مدنية اقتصادية ليس أكثر من ذلك. الأمر الثالث الذي يشير إليه انضمام القائمة الموحدة إلى الائتلاف، أن هناك صوتًا بدأ ينشأ داخل الفلسطينيين في الداخل من خلال أحزاب عربية يقول إننا يجب أن نُبعد الشأن السياسي، وهو الشأن المركزي في علاقتنا مع السلطات الاسرائيلية، يجب تحييده جانبًا، وفق هذه الرؤية السياسية، والتمركز فقط حول المطالب الاقتصادية الحياتية. هذا يشكل خطرًا على المطالب الجماعية للفلسطينيين في الداخل، على رؤيتهم لذاتهم، وخاصة على هويتهم الجماعية.

 

رأينا الكثير من التحذيرات من تأثير دخول العرب الائتلاف على الهوية الفلسطينية، ما هو الإشكال في طرح المطالب المادية وما هي أهمية الحفاظ على الهوية؟

خطيب: بخصوص الإشكال في الحديث عن المطالب الحياتية، لا أعتقد أن العمل على تحصيل المطالب الحياتية للفلسطينيين في الداخل هو مرفوض لذاته، لكن السياق الذي يتم التعامل فيه هو الأمر غير المقبول في هذا السياق. وهنا أشير للتالي: مطالبنا الحياتية اليومية يجب أن توفرها المؤسسة الاسرائيلية بدون أن يكون ذلك على حساب هويتنا ومطالبنا الجماعية وانتمائنا، وبالتالي ما قامت به القائمة الموحدة هو التركيز على الأمور المطلبية بمعزل عن المطالب السياسية، وإن كانت الموحدة تريد أن تكون رؤيتها السياسية مركزة حول مفهوم المواطنة، فيجب أن يكون ذلك من خلال تشديدها أن اسرائيل يجب أن تغير تعاملها مع الفلسطينيين في الداخل وتغير تعريفها لذاتها، بما يشمل أخذ العرب بعين الاعتبار، وإن كانت تريد أن تشمل الشق المرتبط القضية الوطنية، فيجب أن تشير إلى أننا مجموعة وطن لها حقوقها ومطالبها الجماعية، والمطالب اليومية مشتقة من واجب المؤسسة الاسرائيلية تجاه هذه المجموعة الموجودة داخل أرضها. لكن ما حدث، وهنا الخطورة، أن التعامل مع الامور المطلبية كان بمعزل عن كل ذلك، وركز على قضايا حياتية يومية، وكأننا رعايا نريد بعض المطالب هنا وهناك. طبعًا هذا سيكون له ثلاثة تداعيات مركزية: أولا، تخفيض السقف السياسي للفلسطينيين في الداخل وسقف مطالبهم السياسية، ويجعله مرتبطًا بقضايا حياتية وليس بصراع مركزي حول رؤية المؤسسة الاسرائيلية ذاتها لهويتنا ودورنا في القضية الفلسطينية وصراعنا مع المؤسسة الاسرائيلية. الأمر الثاني من التداعيات التي يمكن أن تكون لهذه العملية، أنها ستجعل قضايانا الوطنية معزولة بشكل كبير عن سياقنا الفلسطيني وعن القضية الفلسطينية ككل وتعزلنا عن محيطنا الفلسطيني من خلال عرضنا كإسرائيليين لدينا مطالبنا وليس كفلسطينيين لدينا خصوصية كوننا نعيش تحت المؤسسة الاسرائيلية. الأمر الثالث من تداعيات مشاركة القائمة الموحدة في هذه الحكومة، هو أنّ هذه الحكومة ستجعل تصنيفًا للفلسطينيين في الداخل، فالمتشدد هو من لا يرضى بدخول الحكومة، والشعبوي هو من يركز على القضايا الوطنية، وبالتالي ستؤكد على ما تحاوله المؤسسة الإسرائيلية عبر تقسيمنا بين عرب جيدين وعرب سيئين.

 

لو قاطع العرب الكنيست، هل هناك طريقة أخرى لتحسين أحوالهم المعيشية خاصة؟

 خطيب: أعتقد أن هذا السؤال مهم، مع التأكيد أنّ فكرة المقاطعة لذاتها هي فكرة تستحق أخذها لرؤية تعبر عن فلسطينيي الداخل، ولكن مع ذلك وجود برنامج وبديل مناسب هو أمر مهم، مع التأكيد أن المشاركة في الكنيست لم تجلب لنا أي قضايا مهمة ومنفعة كبيرة. ولكن أعتقد أنّ هناك حاجة لطرح بديل وهذا البديل يجب أن يكون ضمن تنظيم الفلسطينيين لذاتهم، ضمن بناء المؤسسات الفلسطينية لذاتهم، وضمن التأكيد أننا جزء من شعب يعيش في هذه البلاد، ومطالبنا مشتقة من ذلك والعمل على توفيرها من خلال ضغط دولي وضغط سياسي هنا في الداخل، لإجبار المؤسسة الاسرائيلية على توفير هذه المطالب، ناهيك عن أنّ هناك مؤسسات الحكم المحلي التي يجب تفعيل دورها بشكل واضح. كما يجب أن يكون ذلك من خلال بناء مؤسسات اقتصادية ومن خلال بناء مؤسسات خدماتية للفلسطينيين في الداخل تعالج قضاياهم اليومية، فنحن مجموعة يمكن ولديها المقومات لبناء ذاتها وبناء مؤسساتها من دون أن نغفل أن هناك مسؤولية اسرائيلية تحتمها الأعراف الدولية والمحلية لتوفير الحقوق المدنية.

 

مهند مصطفى: نتنياهو مؤسس الجمهورية الإسرائيلية الثانية

 لاستعراض المشهد السياسي الاسرائيلي وفهم أبعاد تشكيل حكومة ما بعد نتنياهو، حاورت “المدينة” الباحث د. مهند مصطفى، مؤلف كتاب “نتنياهو: إعادة انتاج المشروع الصهيوني ضمن منظومة صراع الحضارات”.

 

حبذا لو تعرض لنا اولًا الطريق التي سلكتها السياسة الاسرائيلية للوصول الى الحكومة الحالية

 مهند: استطاع نتنياهو تشكيل حكومة من خلال بناء كتلة يمينية صلبة حوله تتكون من الأحزاب الدينية الأرثوذكسية (حركتا شاس ويهدوت هتوراه) وأحزب الصهيونية الدينية، وأحزاب يمينية علمانية، وتحديدًا حزب “إسرائيل بيتنا” برئاسة ليبرمان. حيث استطاعت كتل اليمين برئاسة الليكود تشكيل حكومة لوحدها والحصول على 61 مقعدًا على الأقل من دون الحاجة إلى أحزاب وقوائم غير يمينية. تغير هذا الواقع بعد قرار ليبرمان عدم المشاركة في حكومة بنيامين نتنياهو في أعقاب انتخابات أبريل 2019، مما أدخل اليمين في مأزق سياسي كبير. وإلى جانب الرغبة في إسقاط نتنياهو، شكلت هذه الحكومة مخرجًا لحالة المعارضة التي يعيشها اليسار الصهيوني منذ سنوات طويلة. فعلى سبيل المثال، لم يشارك حزب ميرتس اليساري في حكومة إسرائيلية منذ عام 2001، وحزب العمل خارج الحكومة منذ عام 2009، وحزب “يوجد مستقبل” لا يشارك في الحكومة منذ عام 2015. ودفعت حالة المعارضة الدائمة وهيمنة اليمين على الوزارات الحكومية حركات إسرائيلية إلى المشاركة في الحكومة ومحاولة التأثير وبناء ذواتها كأحزاب سلطة، مما قد يُحسّن شعبيتها الانتخابية. وستحصل هذه الأحزاب، وتحديدًا حزبيّ ميرتس والعمل، على الوزارات الاجتماعية، مما قد يحسن قدرتها على التأثير في السياسات الاجتماعية والتعليمية وفق رؤاها الحزبية.

وجاءت هذه الحكومة أيضًا من أجل تحقيق مطامح شخصية نحو رئاسة الحكومة في المستقبل، ففي انتخابات الكنيست الأخيرة، طرح كلٌّ من ساعر وبينيت ولبيد أنفسهم كمرشحين لرئاسة الحكومة، غير أن وجود نتنياهو لم يُمكّنهم من تحقيق إنجازات انتخابية تصل إلى إنجازات الليكود، لذلك يراهن هؤلاء، وبخاصة ساعر وبينت اللذين ينتميان لليمين، على أن تُنتج هذه الحكومة ديناميكيةً داخل الليكود من أجل تنحية نتنياهو، وإخلاء ساحة اليمين لقيادة جديدة في المستقبل. فعلى سبيل المثال، تنافس جدعون ساعر، قبل انشقاقه من الليكود، عشية انتخابات مارس 2020 على رئاسة حزب الليكود ضد نتنياهو، ومُني بخسارة فادحة أمامه، وعندما شكّل نتنياهو حكومته بالتحالف والتناوب مع غانتس حرم ساعر من تقلد منصب وزاري رغم شعبيته في صفوف حزب الليكود.

قررت هذه المركبات، وبخاصة اليمينية منها وحزب “أزرق أبيض” برئاسة وزير الدفاع غانتس، منع نتنياهو من تشكيل الحكومة، ورغم الضغوط التي مارسها اليمين على ساعر وبينت للعدول عن حكومة التغيير، إلا أنهم صدّوا هذه الضغوطات ودخلوا في حكومة التغيير، وذلك من أجل إرسال رسالة إلى قواعد اليمين عمومًا، ولقواعد الليكود خصوصًا، أن الليكود لن يعود إلى السلطة ما دام نتنياهو رئيسه، وفقط تنحّيه أو تنحيته سوف يفسح الطريق أمام عودتهم لتشكيل حكومة يمين صافية، بقيادة الليكود.

 

ما هو الاختلاف في السياسات بين حكومة نتنياهو وحكومة بينت؟

مهند: تشكلت الحكومة من ثماني قوائم يصل عدد أعضائها إلى 62 عضواً. وهو عدد غير مسبوق من القوائم التي تشكل حكومة بهذا العدد القليل من الأعضاء، الذي يحمل تحدياً كبيراً لها. فكل مركب من مركباتها قادر لوحده على إسقاطها.

على المستوى السياسي، وهو التحدي الكبير لهذه الحكومة، فأحزاب اليمين مثل يمينا وأمل جديد لا يعترفان بحق تقرير المصير للشعب الفلسطيني، ويرفعان فكرة الضم ودعم الاستيطان في الضفة الغربية، ويرفضان حلّ الدولتين، فالكثير من قواعدهما هم من المستوطنين أو اليمين الاستيطاني أو اليمين القومي الذي يؤمن بفكرة الضم ورفض حل الدولتين. في حين تنطلق باقي الأحزاب الأخرى (ما عدا إسرائيل بيتنا) من تسوية الصراع على أساس حل الدولتين، ويرفضون فكرة الضم، ويحصرون دعمهم في الكتل الاستيطانية الكبيرة، فضلاً عن حركة ميرتس التي تعتقد أن المستوطنات غير شرعية. ربما تستطيع الحكومة تجاوز ذلك فيما يتعلق بتأجيل القرار حول تسوية سياسية أو الإعلان عن موقفها من ذلك لعدم راهنية الموضوع وطرحه، لكنها لن تستطيع تجاوز الخلافات بينها فيما يتعلق بدعم الاستيطان في الضفة الغربية، والسياسة تجاه قطاع غزة، ونشاط اليمين في القدس.

على مستوى نظام الحكم ومؤسساته، تتكون هذه الحكومة من توجهات محافظة وتوجهات ليبرالية فيما يتعلق بنظام الحكم ومؤسساته، لاسيّما الجهاز القضائي والمحكمة العليا. يحمل حزب يمينا موقفاً متشدداً من الجهاز القضائي الإسرائيلي، وشأنه في ذلك شأن حزب أمل جديد، إذ يعتقدان أن الجهاز القضائي ليبرالي أكثر من اللازم، ويجب تدعيمه بتوجهات محافظة من خلال تعيين قضاة محافظين في المحكمة. وعندما كان أعضاء يمينا في حكومة نتنياهو، وبخاصة إييليت شاكيد، وزيرة القضاء السابقة، فقد عملت كثيراً من أجل الحدّ من صلاحيات المحكمة العليا فيما يتعلق بتدخلها في قرارات الحكومة والكنيست (البرلمان)، وكان هذا العمل يسيراً لأنه انسجم مع توجه كل حكومات اليمين التي تسعى إلى إحداث تغيير جوهري في عمل المحكمة، لدرجة أن هذا الموضوع أصبح من الأهمية في فكر وعمل اليمين بما يوازي أهمية دعم الاستيطان. وفي المقابل هناك توجهات ليبرالية في الحكومة تعتقد أنه يجب الحفاظ على المحكمة العليا ومؤسسات فرض القانون (المستشار القضائي والنيابة العامة)، ودعمها وتعزيز دورها الدستوري في مراقبة السلطة التنفيذية والتشريعية، بما في ذلك إلغاء قرارات للحكومة أو قوانين للكنيست وهو ما تعارضه الأحزاب اليمينية المشاركة في هذه الحكومة.

ما هو الموقف السياسي لنتنياهو اليوم؟

 مهند: يعتبر نتنياهو معضلة اليمين الآن، فهو منحة اليمين لأنه حول اليمين إلى مهيمن في المشهد الاسرائيلي، ولكنه تحول إلى لعنة اليمين لأنه يمنعه من الحكم بحكومة يمينية صافية، ولو تنحى لاستطاع اليمين أن يشكّل حكومة بسهولة. الصراع اليوم هو داخل اليمين على حكم اليمين، ومن يحكم اليمين يحكم دولة اسرائيل. أنا على قناعة أن النظام السياسي الاسرائيلي يعيش الآن حالة اختلال توازن بسبب وجود نتنياهو والصراع داخل اليمين، أعطى المجال للقائمة المشتركة سابقا والقائمة الموحدة حاليا أن تسوق أنهما قادران على التأثير، ولكن سرعان ما يعود النظام السياسي الاسرائيلي إلى توازنه، وعندها لن يكون لخطاب التأثير، الضعيف أصلا، أي وجود.

ولذلك، حاليا الاختلاف بين حكومة نتنياهو وبينت سيتمحور حول القضايا الاقتصادية والاجتماعية، مع أن بينت هو ليبرالي من الناحية الاقتصادية، ولكنه سيأخذ بعين الاعتبار شركاءه الذين يريدون تدخل الدولة اكثر في المجتمع والاقتصاد، قد يتنازل بينت في هذه المسألة، لكنه لن يتنازل في المسائل السياسية، لأن أغلب الحكومة متفقة على الخطوط المركزية لسياسات اليمين أولا، وثانيا لأن مزايدة الليكود واحزاب اليمين في المعارضة على بينت ستجعله أكثر تطرفا في التعامل مع المسألة الفلسطينية، ليثبت أنه يميني أكثر منهم.

 

هل تتوقع أن يكون هناك تغيير في تعامل الحكومة مع العرب بسبب وجود حزب عربي في الائتلاف؟

 

مهند: لن يغير وجود القائمة العربية الموحدة من سياسات الدولة الجوهرية تجاه العرب، فيما يتعدى تحقيق مطالب عينية هنا وهناك لا تتجاوز حالة الامتياز، فلن يتغير شيء، ما يمكن أن تحصل عليه القائمة الموحدة هو الحد الأدنى وهو ما يجب أن تقوم به البيروقراطية الاسرائيلية بدون قرار سياسي، وهي حتى لا تقوم بذلك، التغيير في السياسات، يكون بتجاوز قرارات اعتيادية للبيروقراطية مما يسمى امتيازات، وما ستحصل عليه القائمة الموحدة إن حصلت عليه، لا يتعدى قرارات كان على البيروقراطية اتخاذها بنفسها دون حتى الحاجة لقرار سياسي، طبعا ليست المسألة بحاجة لتفكير عميق لندرك أن السياسة الجوهرية لن تتغير وأولها الاعتراف بالعرب كمجموعة وطن، وما يترتب على ذلك من حقوق جماعية وعدالة تاريخية وعدالة توزيعية، هذا لن يكون.

لك كتاب كامل أصدرته حول نتنياهو، هل يمكنك تلخيص موروثه السياسي؟

 

مهند: نتنياهو هو مؤسس الجمهورية الثانية في اسرائيل، وهذا ما سيدخله كواحد من أهم الشخصيات في تاريخ اليهود المعاصر، فإذا كان بن غوريون قد أعلن قيام الجمهورية الاولى عام 1948 بعد مشروع استيطاني في فلسطين قبلها معبرا عنها في وثيقة الاستقلال، فإن نتنياهو أعلن قيام الجمهورية الثانية بعد مشروع استيطاني بدأ عام 1967 تغلغل إلى عام 1948 ليهمن المشروع الاستيطاني في أراضي الـ 67 على دولة إسرائيل في أراضي الـ 48، وعبر عنه نتنياهو بإعلان استقلال في قانون القومية 2018. نفتالي بينت اليهودي المتدين المتطرف هو نتاج الجمهورية الثانية، وما كان ليحلم أن يكون رئيس حكومة في الجمهورية الأولى. استطاع نتنياهو أن ينهي حل الدولتين، وأن يعزز الانقسام الفلسطيني، وأن يعيد تشكيل اليمين ويرفعه من حالة الحكم بلا هيمنة الى حالة الهيمنة السياسية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى