أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

المطلوب: مأسسة المجتمع وتعزيز المشاريع العصامية

ساهر غزاوي

لم يكن المجتمع العربي في الداخل الفلسطيني بحاجة إلى مثل أحداث الانتفاضة الراهنة وتأثيراتها وتباعاتها عليه حتى يكتشف مكامن قوته التي تتجسد في التكافل والتعاضد فيما بين أبنائه وأفراده، لكن هذه الأحداث حرّكت المياه الراكدة في الساحة السياسية والاجتماعية، ونبّهت المجتمع إلى ما يمتلكه من نقاط قوة تنبع من عمق الانتماء الوطني والديني وتنبع من أفكاره وقيمه المجتمعية وتنبع من روح المبادرات والمشاريع العصامية التي تسري مسرى الدم في عروقه، لا سيّما وأن مرتكزاتها: المال، الأرض والعقول، وكلها موجودة ومتوفرة.

غير أن ما ينقص ذلك هو الإرادة الجماعية لتتخذ مثل هذا القرار لتتم عملية “مأسسة” المجتمع وبناء عصاميته حتى يقف أمام التحديات الراهنة والمستقبلية وحتى لا يبقى هذا المجتمع رهينة الفروق المدمرة في بنيته الحياتية ولا رهينة الظلم التاريخي والاضطهاد الديني والتمييز القومي ومصادرة حقوقه اليومية، خاصة وأن المؤسسة الإسرائيلية تعتبر فلسطينيي الداخل “طابورًا خامسًا” و “خطرا أمنيا” أو “عدوا داخليا”، وتتطلع إلى قمعهم في كل يوم وحين وتتطلع إلى تدمير أفكارهم ومعتقداتهم، تارة بقوة  الحديد والنار الخشنة وتارة بالتسلل “الناعم” إلى قلاعهم وحصونهم الدينية والوطنية عبر مشاريع مشبوهة تستعمل جهات عربية مأجورة لتنفيذها، من حيث تعلم أو لا تعلم، بغرض تفتيت نسيجهم المجتمعي والوصول إلى حالة إخضاعهم الكامل أو التهجير والتطهير العِرقي.

إن اشتعال أحداث الانتفاضة الراهنة وتصاعد عنف المستوطنين بجنون تجاه الأهالي في عدد من المدن في الداخل الفلسطيني، خاصة المدن الساحلية التي تسكنها أغلبية يهودية مقابل أقلية عربية، تمثل في اعتداءات على البيوت والمساجد وأماكن العبادة وتحريض على القتل وطعن واستفزاز، تحت أعين الشرطة الإسرائيلية، وتسببت بوقوع اشتباكات عنيفة بين الشرطة الإسرائيلية والمتظاهرين في تلك المدن أدت إلى مئات الإصابات والاعتقالات. 

هذه الأسباب وغيرها ولّدت الحاجة الشعورية الضرورية لدى المجتمع العربي في الداخل إلى اظهار مكامن قوته وإعادة ترتيب أوراقه حتى يقدر، وهو قادر، على مواجهة التحديات المفروضة عليه فرضا بشموخ وعزة نفس وإباء وكبرياء، لذلك فقد أحسنت عملًا لجنة المتابعة بإعادة تفعيل الهيئة العربيّة للطوارئ التي تمّ تشكيلها سابقا لمواجهة تفشي جائحة كورونا في المجتمع العربيّ، تحت إطارها وإطار اللجنة القطرية لرؤساء السلطات المحلية التي تُركز في عملها على أربعة محاور وهي؛ المرافقة القضائية لمجتمعنا، الإعلام ومواجهة تحريض الإعلام الإسرائيلي، وتفعيل مراكز الإغاثة وخطوط الطوارئ واللجان الشعبيّة في البلدات العربية، وكذلك تدويل قضيتنا إلى الهيئات الدولية المختلفة، وكذلك كثفت لجنة المتابعة وهيئة الطوارئ العربية العمل لمساندة المعتقلين والمفصولين من العمل والمتضررين، في الأيام الأخيرة.

كذلك الأمر فإن الإضراب الشامل الذي وحّد “فلسطين التاريخية”، جاء هذه المرة حيث الجبهة الداخلية مشتعلة وعجلة الاقتصاد معطلة، الأمر الذي دفع إلى إطلاق دعوات لدعم مصالح العرب الفلسطينيين العرب في مدن وبلدات الداخل. وعلى المستوى الشعبي والفردي، فقد أطلقت مبادرات ومشاريع إذا نظرنا إلها نرى أنها عصامية وهي نماذج عملية لمشروع (المجتمع العصامي) يعتمد على ذاته على جميع الأصعدة والمستويات تدل على مدى وعي الأهالي السياسي عامة بأوليات المرحلة ومتطلباتها والدور المنوط بهم. كيف لا وهم أقدر الناس على أداء المطلوب منهم ولا يوجد لهم ظهير ولا نصير من غير التفكير بالاعتماد فقط على المؤسسة الإسرائيلية والتباكي على أعتابها، كما يفعل، دعاة “التأثير في السياسة الإسرائيلية واختراق المجتمع اليهودي” متمثلين ببيت شعر الإمام الشافعي الذي قال فيه: “ما حك جلدك مثل ظفرك… فتول أنت جميع أمـرك”.

وفي الختام نلقي نظرة على بعض المبادرات والمشاريع العصامية التي أطلقت في أحداث الانتفاضة الراهنة: 

– تشكيل طواقم من المحامين في معظم البلدات العربية لمتابعة ملف المعتقلين على خلفية الأحداث الأخيرة وتقديم الاستشارات القانونية لهم أثناء التحقيق تطوعا ودون مقابل. 

– تشكل لجان شعبية للطوارئ في معظم البلدات العربية. 

– إقامة صندوق لدعم المعتقلين وعائلاتهم وتشكيل لجنة مصغرة تضم محامين لمتابعة ملفاتهم في بلدة كفرقرع. 

– اللجنة الشعبية في مدينة طمرة تعلن عن اقامة صندوق لدعم المعتقلين الطمراويين، على خلفية الأحداث الأخيرة، لمواجهة لوائح الاتهام بحقهم حتى ينالوا حريتهم.

– مقابل دعوات إسرائيلية لمقاطعة المصالح التجارية العربية، إطلاق دعوات لدعم المصالح العربية وتداول بوسترات توعوية تدعو إلى ذلك. 

– إطلاق حملة لأسبوع الاقتصاد الوطني تحت شعار “اشتري من بلدك”. تبدأ في السادس من حزيران وحتى الثاني عشر من نفس الشهر. 

– “ساند” مبادرة شبابية في عين ماهل لدعم المصالح الفلسطينية في خطوة أعقبت حملة “اشتري من بلدك” والقائمون على الحملة يتواصلون مع أصحاب المصالح المحلية لخفض الأسعار في خطوة تشجيعية للشراء من تلك المصالح.

– دعوات لشراء ودعم منتوجات (محلبة جت) حتى يتم توفير فرص عمل جديدة للعمال العرب. 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى