أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةعرب ودولي

لوريان 21: ضغط وتضليل وإسلاموفوبيا.. كواليس اللوبي الداعم لإسرائيل في فرنسا

نشر موقع “أوريان 21” (الشرق 21) الفرنسي تحقيقا مطولا على حلقتين عن اللوبي الداعم لإسرائيل في فرنسا أعده جان ستارن.
اعترف الكاتب أنه من النادر في تحقيق صحافي إجراء نوع من التمهيد حول موضوع التحقيق نفسه، وذلك لتجنب محاكمات النوايا التي يمكن أن يتسبب فيها استخدام مصطلح “لوبي” اللصيق بإسرائيل. لا توجد صعوبة في بلد مثل فرنسا في الحديث عن “لوبي الصيد” أو الـ“لوبي المؤيد للطاقة النووية”، لكن عندما يتعلق الأمر بإسرائيل يكون هناك ارتياب معجمي حول كلمة “لوبي” ينتاب البعض ومناخ شك يغذيه بشدة.
يؤكد الكاتب أن كلمة “لوبي” -العادية جداً في واشنطن والشائعة في بروكسل- تثير الكثير من اللغط في باريس. أولاً، لأنها كلمة دخيلة، جاءت من الإنكليزية وظهرت بلندن في بداية القرن التاسع عشر لتسمية أولئك الذين يَعْبُرون أروقة مجلس العموم لإقناع المسؤولين المنتخبين البريطانيين بأهمية نشاط معين، أحيانًا على حساب المصلحة العامة. ويشير إلى أن اللغة الفرنسية تفضل استعمال عبارة “جماعة الضغط” التي تحمل نفس المعنى تقريباً. لكن السبب الأهم، يشدد الكاتب، يعود لكون تسمية “اللوبي اليهودي” إرثا من قاموس اليمين المتطرف المعادي للسامية خلال ثلاثينيات القرن الماضي، والذي كان له نفوذ داخل الدوائر السياسية والثقافية خلال فترة ما قبل الحرب العالمية الثانية.
ويشير ستارن إلى أنه في الوقت الذي تشهد فيه معاداة السامية تصاعدًا ملحوظًا، خصوصاً على الشبكات الاجتماعية، فإن الحديث عن لوبي، حتى لو تم استكماله بمصطلح “الموالي لإسرائيل” يبدو حاملا لدلالة مشينة، ومع ذلك يستخدمه معظم من تحدث إليهم الكاتب في تحقيقه بشكل أو بآخر، لأنه الأكثر ملاءمة. وينقل عن برونو جونكور، النائب البرلماني عن حزب الحركة الديمقراطية بمدينة سان بريو (شمال غرب فرنسا) قوله: “لن أستخدم كلمة لوبي، لكن هذا يشبهها كثيرًا”، قبل أن يستخدمها هو نفسه لاحقًا خلال حديثه بقوله: “يستهدف اللوبي المُوالي لإسرائيل بشكل رئيسي الدوائر الاقتصادية والثقافية والإعلامية. على الصعيد السياسي، هناك دينامية لعدد من الجمعيات من أجل التعريف بـ إسرائيل وسياساتها دون أي تقشف في الوسائل”.

*شبكات نفوذ حقيقية
وينقل ستارن عن دبلوماسي كبير سابق، اشتغل في العديد من دول الشرق الأوسط بما فيها إسرائيل، أنه يفضل التحدث عن الـ“لوبي الصهيوني”، مشيرًا إلى أن كلمة لوبي “مبَالغٌ فيها”. لكن الكاتب يتساءل مبالغ فيها أم سلبية؟ وينقل عن المؤرخة فريدريك شيلو، المتخصصة في العلاقات الفرنسية الإسرائيلية قولها إن “كلمة لوبي تحمل دلالة سلبية، تقترب من المؤامرة. يُردد المجلس التمثيلي للمؤسسات اليهودية في فرنسا [والذي يشار إليه بالفرنسية باقتضاب بمصطلح ”كريف“] كلام اليمين القومي الإسرائيلي، إذ يبث خطابًا مهيمنًا للغاية.. لكن هناك أيضًا إهمالًا للقضية الفلسطينية في فرنسا، إذ أصبحت صراعًا منخفض الحدة، نظراً للإرهاب الذي قرّب الفرنسيين من الإسرائيليين”.
لكن بالنسبة إلى كليمنتين أوتان، النائبة البرلمانية عن حزب “فرنسا الأبية” بـمدينة سين سان دوني (ضاحية باريس)، لا تكمن المشكلة في الكلمة أكثر منها في الواقع، وهذا الضغط الهائل الذي تتعرض له بمجرد أن تتحدث عن الموضوع في البرلمان أو في دائرتها الانتخابية أو في وسائل الإعلام (وهذا نادر، بسبب التزام قانون الصمت، باستثناء قناة فرانس 24). توضح النائبة الأمر للكاتب قائلة: “إذا ما تحدثتَ اليوم عن سياسات الحكومة الإسرائيلية، أو دافعت عن القضية الفلسطينية، فإنك تصبح عرضة لضغوط مهولة، وتُتَّهم على الفور بمعاداة السامية. عليك تكون قوياً. لكنني لا أحب كلمة”لوبي“، فهي تجعلني أشعر بعدم الارتياح، لأني أسمع فيها صدى عبارة”اللوبي اليهودي“. للكلمات تاريخها وترددها، وهذا الأمر ليس عقلانياً. لكن بالتأكيد أنه يمكننا استخدام مصطلح دوائر النفوذ النشطة جدا”.
وينقل عن إحدى زميلاتها في البرلمان من حزب “الجمهورية إلى الأمام” الحاكم قولها إنه “لا وجود للوبي، هناك أفراد، ولنقل مؤثرين. لكن صحيح أنهم يبذلون قصارى جهدهم وعندما يستهدفونك، لا يمكنك أن تفلت منهم”. فيما يوضح جاك فتح، المسؤول الدولي السابق للحزب الشيوعي الفرنسي أن “شبكات النفوذ الموالية لإسرائيل نجحت في الحصول على دعم حقيقي للغاية وسط الساحة السياسية، كالحزب الاشتراكي على سبيل المثال، ولم يعد الكثير من الناس يترددون في مسألة دعم إسرائيل”. وقد ساهم الأمر أيضًا في مسلسل طويل لإضعاف دور فرنسا في المنطقة”.

*دعم علني
بيد أن آخرين لا يجدون حرجاً في استعمال الكلمة، حيث ينقل ستان عن روني برومان قوله: “أستخدم كلمة لوبي دون تردد، فـ’الكريف’ يتصرف كَلُوبي ويقرّ صراحة أنه يدعم إسرائيل”، مضيفاً أن “اللوبي الموالي لإسرائيل يتواجد سياسيًا وفكريًا ويمكن أن يكون رسميا وغير رسمي.”
لكن يفضل البعض الآخر عدم الكشف عن هويته في حديثه للكاتب، حيث يقول أكاديمي: “عانيت بما يكفي”، مضيفاً أن “اللوبي هو السفارة الإسرائيلية، ومنظمة”إيلنت“والـ”كريف“، وهم يتمتعون بإمكانيات جد هامة. أن تبحث الشركات عن أسواق لها في إسرائيل، فهذا أمر عادي. لكن الأمر أكثر خطورة عندما يتعلق الأمر بالطبقة السياسية والصحافيين المستهدفين بعمليات الدعاية”. ويرى أحد نواب عمدة باريس أن “عبارة ’اللوبي الموالي لإسرائيل’ ليست صادمة، لأن اللوبي أمر واقع”. ويشرح فرانسوا بوبوني نائب مدينة سارسيل -وهو نفسه مؤيد لإسرائيل-، والاشتراكي السابق الذي بات منتسبا لحزب الحركة الديمقراطية، أن “اللوبي المؤيد لإسرائيل يعمل على جلب مسؤولين منتخبين إلى إسرائيل ليجعلهم يرون حقيقة الأشياء، وهو قادر على جعل الناس يكتشفون الأشياء. لا يجب ان نُنكر تطور السياسة الإسرائيلية واليمين الإسرائيلي والمجتمع الإسرائيلي، بل يجب الترويج له”. وهذا ما تسعى إليه منظمة مثل “إيلنت” (Elnet) التي تهدف إلى ترويج صورة إيجابية لإسرائيل لصانعي القرار السياسي والاقتصادي، ولكن أيضًا لمواجهة مبادرات مؤيدي القضية الفلسطينية، وهي تشكّل جزءًا من التعبير العلني للـ“كريف”.

*نقاط ضعف
بيد أن اللوبي الموالي لإسرائيل، حسب الكاتب لديه أيضًا نقاط ضعف في فرنسا. حيث يشير سفير سابق إلى أن “إسرائيل لم تعد تهتم سوى بالولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي. إنها لا تبالي بفرنسا”. وإحدى علامات عدم الاهتمام هذا أنه لأكثر من عام، لم يتم تعويض أليزا بن نون، السفيرة الإسرائيلية في باريس.
وفيما يتعلق بالدعاية، يبدو أن جهود اللوبي، حسب الكاتب، تدور في حلقة مفرغة على موجات الراديو المجتمعية وعلى شبكة الإنترنت المتخصصة. ويضيف “لقد ولى زمن تجمعات “الست ساعات من أجل إسرائيل” التي كانت رائجة في التسعينيات، واحتفالات الدعم الكبيرة لدعم الجيش الإسرائيلي في قصر المؤتمرات في باريس. تستهدف “إيلنت”، ممثلة اللوبي الأبرز، “القادة” الفرنسيين أكثر من اليهود الفرنسيين والرأي العام بشكل عام”. وحسب الكاتب أظهرت ندوة لـ“إيلنت” نُظمت على الشبكة بتاريخ 7 يونيو/حزيران 2020 مع الصحفي بول عمار كمضيف لفريق مرموق، ولكن دون مفاجأة تذكر: رئيس الوزراء السابق مانويل فالس، والنواب البرلمانيون أورور بيرجي التي تمثل إسرائيل بالنسبة لها “معجزة”، ويشير الكاتب هنا إلى قلقه بشأن هذه المدافعة الشرسة عن العلمانية على الطريقة الفرنسية، والتي ترأس مجموعة الصداقة الفرنسية الإسرائيلية في البرلمان. ومن الحضور كذلك سيلفان مايار، ثم ماير حبيب الذي اتهم خلال هذه الندوة الإذاعة الفرنسية فرانس إنتر بـ “اختلاق الأخبار”، وهلم جرا. ومن بين الضيوف الآخرين، نجد حسن شلغومي، إمام مسجد درانسي (ضاحية باريس)، الذي روى للمرة الألف رحلته الاستكشافية إلى إسرائيل والمستوطنات اليهودية، حيث التقى بضباط الجيش الإسرائيلي والمسؤولين المنتخبين من المستوطنات. ويشير ستارن أنه إلى غاية بداية شهر ديسمبر/كانون الأول، لم تسجل ندوة “إيلنت” عبر الويب سوى 81 مشاهدة على موقع يوتيوب، أي بالكاد أكثر من عدد الأشخاص الذين حضروا حفل الولاء هذا.
ويشير الكاتب أنه في الواقع، قد تكون وسائل التواصل الاجتماعي الفضاء الأول والأبرز الذي يعبر فيه مؤيدو اللوبي الأكثر تشدداً عن أنفسهم، عبر شن هجومات مضادة بلا هوادة بمجرد ما يرتفع صوتٌ منتقد. وأستطيع أن أشهد على ذلك. ويذكر الكاتب أنه عندما نشر سنة 2017 كتابه “سراب مثلي في تل أبيب”، وهو تحقيق حول تطوير استراتيجية “الغسيل الوردي” التسويقية من قبل السلطات الإسرائيلية لإغواء السائحين المثليين الغربيين، تعرض لوابل من السبّ على الشبكات الاجتماعية، بل وتلقى تهديدات بالقتل أثناء افتتاح عرض كتابه في مكتبات تولوز وجنيف.
ويشدد الكاتب على أن انتقاد إسرائيل اليوم بفرنسا يعد مهمة خطيرة ويمثل ذلك، في الظاهر على الأقل، نجاحا كبيرا لكل أولئك الذين يعملون على نزع الشرعية عن طرح كل التساؤلات المتعلقة بسياسة الحكومة الإسرائيلية، لكن رغم ذلك يبقى الرأي العام الفرنسي غير متناغم مع ذلك.
وينقل ستارن ردود أشخاص تحدث إليهم عن الموضوع وكانت نماذج الردود: “لقد تحدثت فوق اللزوم عن ذلك”. “لم أعد أتحدث في هذا الموضوع”. “ماذا تريدون مني أن أقول لكم؟”. “في هذا الوقت تفهمون أنني لا أريد التحدث إليكم”. “أنتم محقون بالتأكيد غير أن المعركة خُسِرت”. ويقول الأكثر طيبة: “حظا سعيدا في إنجاز تحقيقكم”. وحسب ستارن أن تطرح أسئلة على أصحاب رأي ومنتخبين وأرباب عمل وصحفيين ومثقفين عن العلاقات بين إسرائيل وفرنسا وعن وجود لوبي محتمل (استخدام هذه الكلمة بحد ذاتها موضوع جدل) يعمل على الدفاع عن إسرائيل يعرضك إلى عزلة كبيرة. ويقول الكاتب إنه لإنجاز هذا التحقيق، اتصل عن طريق البريد الإلكتروني والهاتف بحوالي مائتي شخص بين فبراير/شباط ونوفمبر/تشرين الثاني 2020. ولم يجبه منهم سوى أقل من ثلاثين شخصا.
الحلم الصهيوني
وينوه الكاتب أنه مع أن للعلاقات بين فرنسا وإسرائيل تاريخ طويل يعود إلى أصول الصهيونية، فقد انتعشت مع إنشاء دولة إسرائيل عام 1948. وبالنسبة للعديد من الشهود الواعين، فإن السياسة الإسرائيلية الحالية تبعث على الازدراء. ويلخص روني برومان: “ماذا تولّد عن الحلم الصهيوني؟ مدرعات”كاتربيلار“ وأنظمة لمراقبة المعارضين”.
ويشير إلى أن إسرائيل هي ثامن أكبر بائع للأسلحة في العالم، وفق ترتيب معهد استوكهولم الدولي لأبحاث السلام. وتواصل حصتها في السوق في الارتفاع. فقد بلغ إجمالي مبيعات أهم ثلاث شركات للأسلحة في البلاد شركة أنظمة إلبيط (Elbit Systems)، شركة إسرائيل لصناعات الطيران والفضاء Israel Aerospace Industries)) وشركة أنظمة رافائيل Rafaelالدفاعية، 8,7 مليار دولار في 2018، كما يشير إلى ذلك معهد ستوكهولم لأبحاث السلام.
وروني برومان، المولود سنة 1950 في القدس حيث ترعرع، ترأس لمدة طويلة منظمة أطباء بلا حدود. وهو طبيب ومنظر للعمل الإنساني الطارئ، ويُعتبر (وآمل ألا يغضبه تعبيري هذا) “ضميرا كبيرا”. رجل متفتح ودود، يتميز بفضوله الكبير لكل شيء. وقد أنجز في 1999 مع إيال سيفان فيلما وثائقيا متميزا حول محاكمة أدولف آيخمان تحت عنوان “المتخصص”، والمقتبس من كتاب حنة آرنت “آيخمان في القدس”. وينقل الكاتب عن برومان قوله عن إسرائيل “هي الدولة الوحيدة اليمينية المتطرفة العنصرية علنا التي يُحتفى بها على أنها ديمقراطية. يعد ذلك إنجازا دبلوماسيا أكيدا بالنسبة لإسرائيل، لكن هذا النجاح محل نقاش: أصبح اليهود الأمريكيون يبتعدون بوتيرة كبيرة عن مؤيدي إسرائيل، كما أن الرايات الإسرائيلية وجمع الأموال للجيش صارت ممنوعة في المعابد اليهودية الأمريكية. ويعد ذلك مصدر إحراج لعدد متزايد من اليهود عبر العالم”.

*أكاذيب عن “الإرهاب” الفلسطيني
ويلفت الكاتب إلى أن اللوبي الإسرائيلي وأنصاره يعملون كل ما في وسعهم للتقليل من شأن القضية الفلسطينية ونسيانها وجعلها مجرد حلقة من المعركة العالمية الواسعة بين الإرهاب الإسلاموي والغرب، وتقديمه على أنه مجرد تربة تنمو فيها معاداة السامية بكل أنواعها والتي يكون من العبث التقليل من وزنها تحت غطاء معاداة الصهيونية.
ويقول إنه خلال عشرين عاما، تغيرت شبكة التحليل المهيمنة بخصوص النزاع. صار نضال الشعب الفلسطيني ضد الاحتلال يقدم من طرف مؤيدي إسرائيل على أنه مجرد عنصر من عناصر أخرى في الحرب الشاملة على الإرهاب. وأنظمة مراقبة السكان التي اختبرتها الشركات الإسرائيلية ضد الفلسطينيين في الأراضي المحتلة والتي أشار إليها برومان تباع في العالم بأسره إلى بلدان مثل الصين والعربية السعودية، اللتان لا تعدان نموذجا في الديمقراطية.

*“لا يوجد لوبي يهودي”

ويؤكد الكاتب أنه في المقابل لا يجب نسيان أنه منذ نهاية القرن التاسع عشر عارض العديد من اليهود الصهيونية السياسية، ابتداء من المناضلين الشيوعيين للاتحاد العام للعمال اليهود (البوند) أو الفيلسوف وعالم الدين اليهودي الألماني مارتن بوبر.
غير أن توجيه نقد لإسرائيل اليوم بمثابة مهمة خطرة. ويبدو ذلك -ظاهريا على الأقل- نجاحا كبيرا لكل أولئك الذين يعملون على نزع شرعية التعبير عنه. وهكذا نشر باسكال بونيفاس سنة 2003 كتاب “من يجرؤ على نقد إسرائيل؟” بدار نشر روبير لافونت.و كتب مدير معهد العلاقات الدولية والاستراتيجية (إيريس) آنذاك: “لا يوجد لوبي يهودي، بكل بساطة لأن جالية يهود فرنسا متنوعة”، ولكن هناك “لوبي مؤيد لإسرائيل وهو يشمل بالطبع يهودا ولكن أيضا أناسا ليسوا كذلك”.
ويشير الكاتب أنه عندما يتكلم عن ذلك اليوم، يلاحظ باسكال بونيفاس بأن “الأمور لم تتغير ولكنها صارت أكثر تعقيدا مما كانت عليه قبل سبع عشرة سنة. أصبح النقاش أكثر حدة. كان من الصعب عليّ نشر”من يجرؤ على نقد إسرائيل“في 2003 ولكن الأمر صار أصعب بالنسبة لنشر كتاب ”المثقفون المزيفون“ سنة 2011. ومنذ ذلك الحين، أصبحت شخصا غير مرغوب فيه في كثير من وسائل الإعلام”.

*معاداة الإسلام أفضل دعاية
ويشدد الكاتب من جهة أخرى نقلا أكاديمي فرنسي ذو دراية جيدة بالمنطقة يفضل عدم ذكر اسمه: يغذي النقاش حول العلمانية مشاريع قانون مثل الانفصالية ..هناك علاقة بين الهجوم على مؤيدي الفلسطينيين في فرنسا والهجوم على الحجاب والمسلمين. والمفارقة في النهاية أن أولئك الذين ينمون الإسلاموفوبيا هم أنفسهم الذين يستوردون النزاع الإسرائيلي الفلسطيني إلى فرنسا”.
وتستنكر كليمنتين أوتان، النائبة عن مدينة سين سان دوني (شمال باريس) من حزب “فرنسا الأبية”: “تبدو فلسطين قضية خاسرة، وفضلا عن ذلك يُخشى بالانخراط فيها من الاتهام بمعاداة السامية. هذا غير عادي، هناك خلل ما”. مع أن الرأي العام الفرنسي ليس في تناغم مع ذلك ويصر على دعم فلسطين.
فوفقا لسبر آراء أجراه المعهد الفرنسي للرأي العام “إيفوب” في مايو/أيار 2018 لحساب اتحاد الطلبة اليهود في فرنسا، يعتقد 71% من الفرنسيين بأن “إسرائيل تتحمل مسؤولية ثقيلة في غياب مفاوضات مع الفلسطينيين”.وهم لا يعبرون عن ذلك علنا ولكن 57% منهم لديهم “صورة سيئة” عن إسرائيل. كما يعتبر 69% منهم الصهيونية “إيديولوجية تستخدمها إسرائيل لتبرير سياسة الاحتلال واستعمار الأراضي الفلسطينية”. رغم ذلك، فهم لا يفعلون الكثير حيال هذا الوضع، ربما خشية من ذلك الخلط الذي تتم تغذيته باستمرار بين مناهضة الصهيونية ومعاداة السامية، وهو أمر حاضر بقوة في الأذهان. فبالنسبة لـ54% من الفرنسيين، فإن “مناهضة الصهيونية هي فعلا شكل من أشكال معاداة السامية”.
لكن المناورة هنا أيضا ليست مكللة بنجاح صريح، فقد تم تبني لائحة برلمانية أضافت معاداة الصهيونية إلى تعريف معاداة السامية مستوحية ذلك من التحالف الدولي لإحياء ذكرى المحرقة، في نوفمبر/تشرين الثاني 2019 بأغلبية ضئيلة في الجمعية الوطنية: تأييد 154 عضو ومعارضة 72 وامتناع 43 من إجمالي 577 نائباً. ولم يشارك في التصويت أكثر من 300 منتخب وكثير منهم من حزب الرئيس، مما يشير إلى وجود انقسامات حقيقية.
ويختتم الكاتب أن “هناك أمرا واضحا آخر لم يسبق أبدًا أن كان أنصار إسرائيل بهذا القدر من النشاط في المؤسسات والمجالات العامة. يمكن تسميتهم بـ“اللوبي”، أو تفضيل مصطلح أكثر حيادية مثل “دوائر التأثير”، فالنقاش لا يتعلق بالدلالات الكلامية، بل هو سياسي. ولا يبدو أننا استوعبنا النشاط الذي يقوم به في العمق “مؤيدو إسرائيل” في الجمعية الوطنية ومجلس الشيوخ ومجالس عمداء مدينة باريس ونيس والمدن الكبرى الأخرى وفي غرف التجارة وقاعات التحرير.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى