أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةعرب ودولي

خفضت الحكومة وزنه فغضب المصريون.. قصة “رغيف الخبز” الذي يضطهده حكام مصر منذ عهد السادات

بالرغم من أنه منهك من العمل طوال الليل، فقد ذهب إلى “الفرن” كي يشتري الخبز لأسرته المكونة من 5 أفراد.
هذا هو حال العم سعيد، عامل اليومية بمجال البناء، الذي التقيناه وهو يشتري الخبز بحجمه الجديد للمرة الأولى.
ظلَّ واقفاً في حالة ذهول، ينظر إلى الرغيف ويقلّبه بين يديه، ولا يصدق أنّه بات أصغر من كفّ يده، فأخذ يضرب كفاً على كف وهو يقول “لا حول ولا قوة إلا بالله”.
كان يظن عم سعيد في البداية أن صاحب المخبز هو مَن فعل ذلك، وقال له ساخراً: “هذا للأكل أم للتصوير؟”، في إشارة لما آل إليه حجم الرغيف الذي لم يعد يكفي لسد رمق زوجته وأولاده الأربعة.

الخبز هو الحياة
الخبز بالنسبة للمصريين هو الحياة، حتى إنه أصبح جزءاً من المكون الثقافي والفلكلوري لدى المصريين، فلا يكاد يخلو مثلٌ عامي في مصر من ذكر كلمة الخبز أو العيش كما يطلقون عليه، في رمزية واضحة على كون الخبز مرادفاً للحياة أو للبقاء.
من المعتاد أن تسمع شخصاً ينفعل لأن شخصاً آخر أو جهة ما آذته في “أكل عيشه”، وهو تعبير يُقصد به عمله الذي يتقاضى عنه الدخل الذي يشتري منه خبزاً لأولاده، بينما تجد مثلاً آخر يقول “عض قلبي ولا تعض رغيفي”.
فاجأت الحكومة المصرية الحالية مواطنيها، فعضّت قلوبهم وأرغفتهم أيضاً، بعد القرار الأخير الذي اتّخذته وزارة التموين في 16 أغسطس/آب الجاري، بخفض وزن الرغيف المدعم من 110 غرامات إلى 90 غراماً فقط.
الخبز في حياة المصريين مسألة تمسّ كلّ الطبقات الاجتماعية، فالمعاناة في الحصول على الرغيف تجمع بين أبناء الطبقة المتوسطة والطبقة الفقيرة، خاصة بعدما انتهت الطبقة الوسطى تقريباً في مصر وانحدر الملايين من أبنائها إلى مستوى خط الفقر.
وفقاً لتقرير أصدره مركز دعم اتخاذ القرار التابع لمجلس الوزراء المصري في عام 2010، فإن 60% من المصريين كانوا يعتمدون على الخبز المدعم بشكل أساسي، وإن دعم الخبز يساهم في رفع مستوى معيشة الملايين من المصريين، ويحول دون وقوع ملايين منهم في الفقر.
“عربي بوست” يرصد رحلة رغيف الخبز في مصر منذ اندلاع أحداث عام 1977، إبان حكم الرئيس الراحل أنور السادات، وصولاً إلى اليوم، وحالة الغضب التي ضربت ملايين المصريين من أبناء الطبقتين المتوسطة والفقيرة بسبب القرار الأخير بخفض وزن الرغيف المدعم.

رحلة مع الرغيف الجديد
يقول الرجل الستيني لـ”عربي بوست” في حسرة، إنه يشتري في اليوم 20 رغيفاً، نصيب كل فرد منهم ثلاثة أرغفة للوجبات الثلاث، وأن لديه طفلين لم تتم إضافتهما بعد إلى بطاقة التموين، فهما من مواليد 2007، وعليه أن يقسم العشرين رغيفاً على 6 أفراد.
ونعى الرجل الفقير حجم الرغيف الجديد، فلم يكن يُشبع أبناءه حين كان وزنه 110 غرامات، متسائلاً في ألم: “كيف سيشبع أبنائي بعدما انخفض وزن الرغيف؟ قال يعني هي ناقصة غلب”، في إشارة لما يعيشه الرجل من معاناة في حياته.
يضطر عم سعيد لشراء 20 رغيفاً إضافية بـ10 جنيهات غير مدعمة، فالخبز هو الملاذ الأخير لأسرته من الجوع، في ظل ارتفاع أسعار السلع الغذائية، وفي أيام كثيرة يكتفون بتناول الخبز فقط بعد دهنه بماء وملح وزيت قليل، ثم “يحمصونه” في الفرن.
وكان الرجل قد اعتاد أن يستيقظ باكراً ليذهب إلى المخبز ويحجز له دوراً في طابور الفقراء، الذين يتراصّون عادة قبل أن يفتح الفرن أبوابه كي لا تضيع فرصته بسبب التزاحم وقلة الخبز المعد للبيع.

الطبقة المتوسطة ذابت فقراً
في مكان غير بعيد من المخبز، يقف محمد جلال، الموظف بوزارة الزراعة، ينتظر أن يخفّ الزحام ليتقدم ويحصل على نصيبه من الخبز اليومي.
لكنه اعتاد، كما اعترف لـ”عربي بوست”، أن يمنح البائعين بالمخبز الذي يشتري منه “إكراميات” من وقت لآخر، ليحتفظوا له بأرغفة خبز جيدة حتى لا يغضب أولاده ويرفضون تناولها، حتى لا يضطر لشراء الخبز السياحي الذي يبدأ سعر الرغيف منه بنصف جنيه ويصل إلى جنيه كامل للرغيف الواحد.
ولا يرى محمد جلال فيما يفعله ظلماً للفقراء، فهو أيضاً فقير مثلهم، بل ربما أكثر فقراً، لأنه مرهق مادياً بنفقات حياته الاجتماعية، ومضطر للحفاظ على مظهره كموظف حكومي، يتكبّد شراء ملابس متوسطة الأسعار، والتنقل في مواصلات خاصة، أفضل من انتظار الحافلة الحكومية.
فضلاً عن أنه مضطر لإلحاق أولاده بمدارس خاصة، أملاً في أن يكون نصيبهم من الدنيا أفضل منه، وكل ذلك يكلفه الكثير.
متسائلاً: “ما المشكلة في أن أحصل على نصيبي من التموين، وخصوصاً الخبز المدعم”
يشير جلال إلى أن الرغيف كان 130 غراماً منذ سنوات، ثم انخفض تدريجياً إلى 110، ثم إلى 90 غراماً، وأضاف ساخراً: “وزنت رغيف الخبز قبل القرار فوجدت وزنه بين 70 إلى 80 غراماً، أي أقل بكثير من الوزن الذي حدّدته وزارة التموين قبل الخفض”.
ويرجع ذلك إلى أن مفتشي التموين الذين يمرون على الأفران يعلمون بغشّ أصحاب المخابز، لكنهم يتغاضون عن ذلك مقابل “رِشا” مالية، وتوقع أن يصل وزن رغيف الخبز المدعوم بعد قرار خفض الوزن إلى 40 أو50 غراماً، أي أقل من نصف الوزن المحدد.
على الرغم من العيوب التي عدّدها الموظف في رغيف الخبز فإنه مضطر لشرائه بسبب غلاء الخبز “السياحي”، الذي غالباً ما سيأتي على حساب بنود أخرى تمسّ قدرته على العيش كريماً حتى نهاية الشهر.
كما أنّ طبيب الجهاز الهضمي الذي يتردّد عليه نصحه بتناول “العيش البلدي”، لأنه صحي أكثر لعملية الهضم، بسبب احتوائه على الردة، وهي الطبقة الخارجية للقمح، وتُعرف أيضاً بالنخالة.

توحيد الطبقات الاجتماعية
المثير في الأمر أن عم سعيد ومحمد جلال رغم اختلاف طبقتيهما الاجتماعية اتفقا على إرسال رسالة للحكومة: “لا تراهني على صبر المواطن لأن الكيل طفح”.
وبينما يستخدم جلال ثقافته العامة ليروي قصة وزن الرغيف الذي أدى يوماً إلى إسقاط حكومة الشيخ تاج في سوريا في الأربعينيات من القرن الماضي، يتذكر عم سعيد ما حدث وقت أن كان في ريعان شبابه عام 1977، في عهد الرئيس الراحل أنور السادات.
عندما نزل المصريون إلى الشوارع وأغلقوها وحرقوا القطارات، احتجاجاً على رفع أسعار بعض السلع ومنها الخبز.
يقول جلال إن الرغيف في سوريا كان يباع بالوزن ومحدد المواصفات والمعايير، واكتشف أحد المواطنين في حلب أن أصحاب الأفران يزيدون من كمية الماء في العجين، ويقومون بوزن الخبز قبل أن يجفّ ماؤه تماماً. فانتشر الخبر، وعمّ الغضب، واعتبرت الحكومة مسؤولة عن ذلك وسقطت.
أما ما حدث في 18 و19 يناير/كانون الثاني من عام 1977، فقد أعلنت الحكومة المصرية رفع أسعار عدد من السلع الأساسية منها الخبز، ليخرج مئات الآلاف للشوارع من شمال البلاد لجنوبها للتظاهر ضد الحكومة، في الأحداث التي عرفت لاحقاً بـ”انتفاضة الخبز”.
هذه الانتفاضة التي أطلق عليها الرئيس الراحل محمد أنور السادات “انتفاضة الحرامية”، لكن هذه الانتفاضة منذ اندلعت أجبرت النظم المصرية المتعاقبة على التعامل مع ملف دعم السلع التموينية، وخاصة الخبز، بحرص شديد، إلى أن جاء الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي الذي انتهج سياسة تقليص الدعم بالتدريج السريع.

مخاوف من ثورة شعبية
من جهته، قال مصدر بوزارة التموين لـ”عربي بوست”، إن الحكومة ترى أن دعم رغيف الخبز يُعرقل الوصول إلى الاكتفاء الذاتي من القمح، ويكلف الموازنة العامة ملايين الدولارات، بسبب عدد المستفيدين الضخم من الخبز المدعم.
ويقدر عدد المستفدين من الدعم بحوالي 72 مليون مواطن، مقيدين على 22 مليون بطاقة تموينية، وتعتبر مصر أكبر مستورد للقمح في العالم، حيث تستورد ما يتراوح بين 9-12 مليون طن سنوياً.
ويشير المصدر إلى أن الحكومة تخطّط وتفكّر منذ سنوات طويلة في كيفية تطبيق إحدى ركائز الوصفة الليبرالية التي أوصى بها صندوق النقد الدولي، وهي رفع الدعم عن السلع الأساسية، لكنها لم تستطع أن تفعل ذلك مع الخبز خوفاً من ثورة البسطاء.
ويرجّح المصدر أن يكون قرار الحكومة بخفض وزن الرغيف للمرة الثانية خلال 3 أعوام إشارة إلى أنها بدأت خطوات جدية لرفع الدّعم عن رغيف العيش، لافتاً إلى أن وزير التموين جاء إلى منصبه ليوفر ملايين الجنيهات للدولة.
ومن المرجح أنه وضع خطة جهنمية لرفع الدعم تدريجياً، وظهر هذا جلياً في حذف ملايين المقيدين في بطاقات التموين، وتخفيض حصص المخابز، في مواجهة مباشرة مع المُواطن، فضلاً عن التعسف في قيد المواطنين والمواليد الجدد في البطاقات.
ويبدي المصدر تخوّفه من أن يكون قرار بسيط مثل خفض وزن الرغيف سبباً في اندلاع ثورة، ليس بسبب القرار نفسه، لكن لشعور المواطن أن ذلك تمهيد لإنهاء الدعم واستبداله بالدعم النقدي، وبذلك يشتعل سعر الرغيف السياحي.
وتؤكّد دراسة أصدرها الجهاز المركزي للتعبئة والإحصاء، عام 2014، أن الخبز البلدي يمد المستهلك بنحو 70% من احتياجاته النشوية والبروتينية، و52% من السعرات الحرارية التي يحتاجها. وبالتالي، فإن قرار الوزارة الأخير يخفض ما توفره الحكومة من تلك الاحتياجات بـنسبة 18.25%.
ووفقاً للدراسة، فقد كانت المواصفات القياسية للرغيف عام 2014 تحدد وزنه بـ130 غراماً، وفي 2017 تراجع وزن الرغيف إلى 110 غرامات فقط، قبل أن ينخفض وزنه 20 غراماً إضافية، ربما احتفالاً بعودة الحياة الطبيعية في مصر، بعد فترة الحظر التي فرضت في البلاد بسبب فيروس كورونا.
القرار أثار استهجان الكثيرين، ودفع المنظمة المصرية لحقوق الإنسان، إلى مطالبة وزير التموين والتجارة الداخلية بالعدول عن القرار.
مشيرة في بيان إلى أن “رغيف العيش يمثل المادة الرئيسية في غذاء المصريين، خاصة الفقراء منهم، وهم الأغلبية العظمى من المواطنين، وأن المساس به يمثل اعتداء صريحاً ومباشراً على أبسط مقومات حياة السواد الأعظم من الشعب”.
لكن وزارة التموين شدّدت في بيان لها على أنه “سيتم الحفاظ على مجموعة من الثوابت في منظومة الخبز، ومن أهمها بقاء سعر رغيف الخبز للمواطن المصري (5 قروش على بطاقة التموين) وعدم المساس بسعره”.
مع استمرار تحمل الدولة، ممثَّلة في وزارة التموين، لفرق التكلفة الإنتاجية لرغيف الخبز الواحد، والتي تصل لأكثر من 50 قرشاً، وكذلك المحافظة على نفس الكميات المتوفرة للمواطن المصري يومياً.
وترى الباحثة الاقتصادية جيرمين محمد، أن المقصود من ذلك القرار هو المحافظة على عدد الأرغفة التي يحصل عليها صاحب بطاقة التموين يومياً، وهي 5 أرغفة لكل فرد تتم إضافته للبطاقة التموينية في العائلة.
وتشير الباحثة إلى أنه بحسبة بسيطة سيكتشف المواطن أن القرار خفض نصيبه من 5 أرغفة مدعمة إلى 4، وكان يحصل يومياً على 550 غراماً، بما يعادل 5 أرغفة، ثم أصبح يحصل على 450 غراماً بفارق رغيف تقريباً لكل فرد.
وهو ما يؤثّر على القيمة الغذائية التي يحصل عليها 72 مليون مواطن، تقول وزارة التموين إنهم يستهلكون الخبز المدعم.
يذكر أن الدعم التمويني في الموازنة العامة الحالية انخفض بمقدار 4.5 مليار جنيه مصر، حيث أصبح 84.5 مليار في العام المالي 2020/ 21، بدلاً من 89 ملياراً في العام المالي السابق.

بعد ثورة يناير.. أين العيش وأين الحرية؟
في مصر، ارتبط الخبز بالوضع السياسي والاجتماعي، فهو وثيق الصلة بحياة المصريين، وامتدت أهميته وتأثيره لدرجة أن يكون سبباً في ثورات وهبّات شعبية.
لعل أبرزها ما حدث في ثورة 25 يناير/كانون الثاني 2011، التي اندلعت ضد نظام الرئيس الراحل حسني مبارك، والتي كان هتافها الرئيسي “عيش.. حرية.. كرامة إنسانية” ليكون تأكيداً على أهمية الخبز في المجتمع المصري.
لكن بعد 9 سنوات من اندلاع الثورة، وجد الشعب المصري نفسه بلا عيش ولا حرية وحتى كرامة إنسانية.
يتذكّر الموظف محمد جلال ما قاله لهم مدرس التاريخ حين كان طالباً في المرحلة الثانوية، بأن الدولة قررت أن تدعم العيش البلدي لعقود عقب الحرب العالمية الأولى.
وأن الحديث عن رفع أو تقليص دعم رغيف الخبز في مصر بدأ في السبعينيات، ووفرته الحكومة بسعر نصف قرش للرغيف لفترة طويلة، حتى يونيو/حزيران 1980، ليرتفع بعد ذلك إلى قرش، ويستقر عند هذا السعر في سبتمبر/أيلول 1984، وفي أقل من 4أعوام ارتفع سعره مرة أخرى إلى قرشين، حتى وصل في عام 1988 إلى 5 قروش، وهو السعر الذي حافظت عليه الحكومات المتعاقبة حتى الآن.
يشير الموظف إلى أنه كان شاهداً على أزمة نقص الخبز التي اندلعت في يناير/كانون الثاني عام 2008، ونشبت على إثرها أعمال شغب وعنف أمام المخابز، راح ضحيتها قتلى ومصابون.
وقتها راهن أصدقاؤه أن الجهات السيادية أذكى من أن تترك الأمر لرجال الشرطة، وبالفعل تدخل الرئيس مبارك شخصياً وأصدر أوامره إلى الشرطة والجيش، للمشاركة في عملية الإنتاج والتوزيع وضبط العملية.
وأطلّت عام 2010 أزمة الخبز برأسها من جديد، حيث شهدت بعض المحافظات المصرية أزمة في توفير رغيف الخبز للمواطنين، ما أدى الى تجدّد المعارك واصطفاف طوابير المواطنين أمام المخابز.
فتطوّرت الأمور إلى حدّ استخدام الأسلحة وإطلاق الأعيرة النارية من جانب بعض المواطنين للحصول على رغيف الخبز.
إلا أن الرئيس الحالي عبدالفتاح السيسي انفرد عن سابقيه بدخول مناطق شائكة، دون خوف من ردود الأفعال الشعبية، فقد أعلن في أحد خطاباته تخليه عن الدعم، مشدداً على أن “كل القرارات الصعبة اللي تردد كثيرٌ على مدى سنوات طويلة.. الناس خافت إنها تأخذها، أنا لن أتردد ثانية أن آخذها”.

الحكومة لا تفهم معنى قراراتها
أثار القرار الأخير بخفض وزن الرغيف جدلاً واسعاً في مصر، بدأ بتحرك برلماني، طالب فيه النائب عبدالحميد كمال، الدكتور علي عبدالعال رئيس مجلس النواب، بتوجيه طلب إحاطة عاجل إلى رئيس مجلس الوزراء ووزير التموين، حول تخفيض وزن رغيف الخبز المدعم.
مشيراً إلى أن القرار “تجاهل المؤشرات والإحصائيات الرسمية للجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، الذي أعلن فيه عن ارتفاع معدل الفقر”.
كما تقدم النائب هيثم الحريري ببيان عاجل إلى رئيس مجلس الوزراء، ووزير التموين، بشأن تخفيض وزن رغيف الخبز، منتقداً في بيان صحفي قرارَ الحكومة الذي يؤدي ضمنياً إلى “تخفيض عدد أرغفة الدعم (للفرد يومياً) من 5 إلى 4 أرغفة”.
وقال الحريري في بيان له: “مؤكد هذه الحكومة لا تفهم معنى هذه الزيادات على شعب يئِنّ ويعاني، شعب لم يشعر بأي ثمار لما يطلقون عليه إصلاح اقتصادي، في ظل زيادة أسعار كل الخدمات من كهرباء ومياه وغاز وبنزين وسولار، وفي ظل انخفاض وتدني قيمة الرواتب للعاملين في الدولة، وفي ظل قوانين وممارسات تهدد أمن واستقرار الأسرة المصرية”، منتقداً موافقة أعضاء البرلمان على هذه السياسات.
اللافت في الأمر كان اعتراض الإعلامي المحسوب على الدولة أحمد موسى بشدة، على خفض وزن رغيف الخبز، وانفعاله الشديد على وكيل وزارة التموين خلال مداخلة للأخير، مؤكداً له على الهواء أن مئة مليون مواطن مصري غير راضين عن قرار التخفيض.
كما اندفع رواد مواقع التواصل الاجتماعي في السخرية من القرار، حيث علّق أحدهم متخيلاً حواراً بين السيسي وكامل الوزير وزير النقل، فكتب يقول: “بص يا كامل.. ارفع سعر تذاكر المترو، وارفع رسوم شركات المحمول، كتير كده يا فندم.. الناس حتزهق؟!!

‏فيردّ الوزير: هيقولوا كله رفع رفع مفيش خفض؟!!
‏وردّ عليه السيسي: عندك حق فعلاً.. خفّض حجم رغيف العيش”
“كالعادة”.. يصبّ في مصلحة المواطن
ويشير محمد جلال إلى أن تصريحات المسؤولين عن القرار أصابته بضحك هستيري، موضحاً أنهم يصرون على التعامل معنا وكأننا “أغبياء”، حيث خرج علينا أحمد كمال، المتحدث باسم وزارة التموين المصرية بتبريرات هزلية، مؤكداً أن القرار يصبّ “كالعادة” في مصلحة المواطن، الذي استفاد من نقص وزن الرغيف.
كون المخبز لا يستطيع المساس بحجمه الجديد، وأن بعض المخابز كانت تنتجه من قبل بوزن أقل من 90 غراماً، دون أن يوضح الآليات التي تضمن بها الوزارة الحفاظ على الوزن الجديد للرغيف، ولماذا لم تكن مطبّقة من قبل؟!
وأنه تابع في مداخلة تلفزيونية أن الوزارة لجأت لهذا القرار حتى تضمن استمرارية دعم الخبز وسعره المحدد للمواطنين أصحاب بطاقات التموين، في إطار المخصص المالي المحدد لها.
وقال إن قرار الوزارة بتخفيض وزن رغيف الخبز من 110 غرامات إلى 90 غراماً جاء من أجل زيادة عدد الأرغفة المنتجة من كل جوال دقيق زنة 100 كيلوغرام، ليصل لـ1450 رغيفاً!
وشدد على حرص الوزارة على الحفاظ على مجموعة من الثوابت في منظومة الخبز، أهمها عدم المساس بسعر الرغيف (5 قروش على بطاقة التموين).
مع استمرار تحمل الدولة ممثلة في وزارة التموين لفرق التكلفة الإنتاجية لرغيف الخبز الواحد، والتي تصل لأكثر من 50 قرشاً، وكذلك المحافظة على نفس الكميات المتوفرة للمواطن يومياً.

قصة البطاقة التموينية
ويوزع الخبز المدعم ببطاقات التموين الذكية والورقية من خلال المنظومة التي طبّقتها الحكومة عام 2014، حيث تكون حصة الفرد 5 أرغفة يومياً بحدّ أقصى 900 رغيف شهرياً للأسرة.
وبدأت تلك المنظومة ذلك العام في مدن القناة، ثم عُممت على باقي المحافظات، وقبل تلك المنظومة كان الخبز يباع مباشرة لأي مستهلك من خلال المخابز أو منافذ البيع أو خدمة التوصيل للمنازل.
وطبقاً للموازنة العامة للدولة في السنة المالية 2017/2016، بلغ عدد المستفيدين من دعم الخبز حوالي 82 مليون مواطن، توفر لهم الدولة 137 مليار رغيف خبز سنوياً.
ويستهدف نظام نقاط الخبز توفير ما يربو على 57 مليار رغيف، عن طريق تحديد 5 أرغفة لكل فرد في البطاقة التموينية، ومقابل التنازل عن أي رغيف من الخمسة يحصل المواطن على نقاط تضاف إلى البطاقة، تستخدم لشراء سلع تموينية أخرى.
المصدر: عربي بوست

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى