أخبار عاجلةعرب ودوليومضات

حملة دولية لتدويل قضية الشاعر عبد الرحمن القرضاوي.. واتهامات للإمارات بإخفائه

تتسع دائرة التضامن الحقوقي والإعلامي مع الشاعر والناشط المصري عبد الرحمن القرضاوي، مع دخول قضيته عامها الأول منذ توقيفه في لبنان وتسليمه قسرا إلى دولة الإمارات، وسط تصاعد المطالبات الدولية بالكشف عن مصيره وإنهاء ما تصفه منظمات حقوقية بـ«الاحتجاز التعسفي والإخفاء القسري المستمر».

وتزامنا مع هذه التحركات، أطلق ناشطون وحقوقيون حملة مراسلة للصحافة العالمية، بهدف تدويل القضية وكسر جدار الصمت المحيط بها، مؤكدين أن «الحق لا يستعاد بالمشاعر الصامتة، بل بالفعل العلني»، وأن كل تأخير في التفاعل يمنح الجهات المسؤولة فرصة الرهان على النسيان.

17 منظمة حقوقية تطالب بكشف مصيره
وفي بيان مشترك، طالبت 17 منظمة حقوقية دولية السلطات الإماراتية بالكشف الفوري عن مكان احتجاز عبد الرحمن القرضاوي، وإنهاء احتجازه التعسفي، مع مرور عام كامل على توقيفه في لبنان في 28 كانون الأول/ديسمبر 2024، أثناء عودته من زيارة إلى سوريا، قبل أن يسلم إلى الإمارات في 8 كانون الثاني/يناير 2025.

وأكدت المنظمات أن السلطات الإماراتية لم تقدم منذ لحظة تسليمه أي معلومات رسمية بشأن مكان احتجازه أو وضعه القانوني أو طبيعة الإجراءات المتخذة بحقه، معتبرة أن هذا الغياب الكامل للمعلومات يرقى إلى حالة «إخفاء قسري مستمرة»، في انتهاك صارخ للقانون الدولي.

وأشارت المنظمات إلى أن الاتصال بين القرضاوي وأسرته ومحاميه انقطع بشكل شبه كامل، باستثناء زيارتين عائليتين فقط في آذار/مارس وآب/أغسطس 2025، لم تتجاوز مدة كل منهما عشر دقائق، وأُجريتا في مكان غير معلن، دون أي شفافية حول موقع الاحتجاز أو الوضع القانوني.

وبحسب إفادات العائلة، فإن القرضاوي محتجز في ظروف قاسية تشمل الحبس الانفرادي المطول، والحرمان من التواصل، وتقييد الزيارات، ومنعه من الاحتفاظ بمتعلقاته الشخصية وكتبه وصور أطفاله، ما أدى إلى تدهور خطير في حالته النفسية، وحرمانه من حقوقه الأساسية.

انتقادات للبنان ومطالب بتحقيق
وجددت المنظمات استنكارها تجاهل السلطات اللبنانية للمخاطر الجدية التي كان يمكن أن يتعرض لها القرضاوي، وتسليمه للإمارات بعد نحو عشرة أيام فقط من توقيفه، رغم غياب أي ضمانات قانونية حقيقية، مطالبة بيروت بفتح تحقيق مستقل في ملابسات توقيفه وقرار تسليمه.

كما دعت المنظمات تركيا، التي يحمل القرضاوي جنسيتها، إلى تكثيف جهودها الدبلوماسية والقنصلية لمتابعة أوضاعه، واتخاذ الخطوات اللازمة لحماية حقوقه القانونية والإنسانية.

وفي السياق ذاته، أعرب عدد من خبراء حقوق الإنسان المستقلين في الأمم المتحدة عن «قلقهم العميق» إزاء الغموض الذي يلف مصير القرضاوي ومكان وجوده وسلامته.

وحذر الخبراء، في بيان رسمي، من أن «أسوأ المخاوف» تتمثل في احتمال تعرضه لانتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان، خصوصا إذا ما جرى تسليمه لاحقا إلى مصر، مشيرين إلى أن الاتهامات التي استندت إليها عملية تسليمه «تبدو غير مبررة».

شاعر خلف القضبان.. والكلمة في قفص الاتهام
وتعيد قضية القرضاوي إلى الواجهة الجدل الدولي حول استهداف حرية التعبير والإبداع، حيث اعتبر حقوقيون أن احتجاز شاعر بسبب آرائه أو أعماله الأدبية يشكل انتهاكا مباشرا للمادة 19 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية، التي تكفل حرية الرأي والتعبير دون تدخل.

وكان القرضاوي قد نشر، قبل توقيفه، مقطع فيديو من داخل المسجد الأموي في دمشق، انتقد فيه أنظمة عربية بينها الإمارات والسعودية ومصر، معتبرا أنها تقف في مقدمة «المخططين والمتآمرين» ضد شعوب المنطقة، وهو ما اعتبره مراقبون أحد الأسباب الرئيسية لاستهدافه.

مسيرة طويلة في المعارضة

ويعد عبد الرحمن القرضاوي من أبرز الأصوات الشعرية والسياسية المعارضة في مصر، إذ عارض نظام الرئيس الراحل حسني مبارك، وكتب ضده قصائد ذاع صيتها منذ عام 2003، وشارك في تأسيس حركات سياسية معارضة بارزة مثل «كفاية»، والجمعية الوطنية للتغيير، والحملة المصرية ضد التوريث، فضلا عن مشاركته في تأسيس «الحملة الشعبية لدعم محمد البرادعي».

كما كان للقرضاوي حضور فاعل في ثورة 25 كانون الثاني/يناير 2011، عبر الكتابة والعمل التنظيمي، قبل أن يمنع لاحقا من النشر والعمل الصحفي والتلفزيوني بسبب معارضته لنظام عبد الفتاح السيسي، رغم كتابته المنتظمة في عدد من الصحف المصرية والعربية.

ويرى ناشطون أن قضية القرضاوي لم تعد قضية فرد، بل اختبار حقيقي لالتزام المجتمع الدولي بحرية التعبير وحماية المثقفين، محذرين من أن الصمت الدولي يفهم غالبا بوصفه ضوءا أخضر لمزيد من القمع.

وفي هذا السياق، تتواصل الجهود الحقوقية والإعلامية لحشد الرأي العام العالمي، تحت شعار أن «سجن شاعر هو سجن للكلمة»، وأن الدفاع عن عبد الرحمن القرضاوي هو دفاع عن مبدأ إنساني كوني، لا عن شخص بعينه.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى