أخبار رئيسيةأخبار وتقاريرعرب ودولي

فجوات تعرقل اتفاق اندماج قسد في الجيش السوري.. وعبدي ينفي زيارة دمشق

نفت قيادة قوات سوريا الديمقراطية (قسد)، صحة الأنباء التي تحدثت عن زيارة قائدها العام مظلوم عبدي إلى العاصمة دمشق، لبحث ملف اندماج قواته ضمن الجيش السوري، في وقت تتواصل فيه المفاوضات المتعثرة بين الطرفين حول تنفيذ اتفاق 10 آذار/مارس الماضي.

وقال مدير المركز الإعلامي لقسد، فرهاد شامي، في تدوينة على منصة فيسبوك، إن “لا صحة لما يتم تداوله بشأن زيارة القائد العام لقواتنا مظلوم عبدي إلى دمشق اليوم”، مشددا على أن “أي تواصل أو مسار سياسي أو عسكري يتم الإعلان عنه حصرا عبر القنوات الرسمية”.

ويأتي هذا النفي بعد تداول تقارير إعلامية محلية وإقليمية٬ تحدثت عن وصول وفد من قسد برئاسة عبدي إلى دمشق، لإجراء مباحثات سياسية وأمنية تتعلق بآليات الاندماج العسكري.

ورغم النفي، أكد مصدر مقرب من قسد “حتمية اللقاء” بين مظلوم عبدي والرئيس السوري أحمد الشرع، لمناقشة تنفيذ اتفاق 10 آذار/مارس٬ دون تحديد موعد رسمي، لافتا إلى أن ملف الاندماج “لا يقتصر على البعد العسكري، بل يشمل قضايا سياسية ودستورية يجب أن ترافق أي خطوة ميدانية”.

تقليص القوات وحصر القرار العسكري
وفي سياق تنفيذ الاتفاق، تسلمت وزارة الدفاع في الحكومة السورية في 20 كانون الأول/ديسمبر الجاري، الرد الرسمي لقوات قسد على “المقترح التفصيلي لانضمامها إلى الجيش السوري”، والذي كان قد أرسله وزير الدفاع اللواء مرهف أبو قصرة إلى مظلوم عبدي مطلع الشهر الجاري.

وتضمن المقترح الحكومي تشكيل ثلاث فرق عسكرية لقسد في محافظات الرقة والحسكة ودير الزور، بواقع فرقة واحدة لكل محافظة، وبقوام إجمالي يبلغ 15 ألف مقاتل (5 آلاف لكل فرقة)، وفق التقسيمات الإدارية الجديدة للجيش السوري.

وتعد هذه النقطة خلافية، إذ ترى قسد أن الفرقة الواحدة يجب أن تضم نحو 20 ألف مقاتل وفق التقسيمات العسكرية القديمة، ما يعني عمليا تقليص قواتها إلى أقل من الربع، في وقت تؤكد فيه أن عدد عناصرها يتجاوز 100 ألف مقاتل.

وشدد المقترح السوري على ضرورة تمثيل “حقيقي للمجتمعات المحلية” داخل كل فرقة، لضمان التوازن الاجتماعي، مع إخضاع هذه التشكيلات مباشرة لوزارة الدفاع، ومنح قادتها رتب عميد، بما يسهل الاندماج الهيكلي ويحد من النزاعات الرتبية.

في المقابل، تجنب المقترح الخوض في “قائمة التسميات” التي قدمتها قسد سابقا، وتشمل نحو 50 اسما لمنح رتب لواء وعميد وعقيد، بينهم مظلوم عبدي، في خطوة وصفت بأنها محاولة لتفادي تصعيد الخلافات قبل التوصل إلى اتفاق شامل.

ملفات شائكة.. قوات حماية المرأة
ولم يتطرق المقترح السوري إلى مصير قوات حماية المرأة (YPJ) أو جهاز الأمن الداخلي “الأسايش”، ولا إلى إمكانية إلحاقهما بوزارة الداخلية، وهو ما اعتبر مؤشرا على حساسية هذه الملفات وتداخلها مع مسارات سياسية عليا تتطلب توافقا مباشرا بين الرئاسة السورية وقيادة قسد.

ويرى مراقبون أن دمشق تتجنب منح قسد هياكل أمنية مستقلة قد تتحول إلى كيانات موازية، على غرار تجارب سابقة فشلت في تحقيق اندماج فعلي.

سيادة الدولة
وأرفق وزير الدفاع السوري مقترحه بملحق خاص بملفي الحدود والنفط، معتبرا أن المعابر والحدود “قضية سيادية” يجب أن تدار حصرا من قبل السلطة المركزية، مع تحملها كامل المسؤوليات الأمنية تجاه دول الجوار، لا سيما تركيا والعراق.

كما شدد على أن النفط والغاز والثروات الباطنية “ملك عام لجميع السوريين”، مطالبا بتسليمها فورا إلى الوزارات المختصة، لضمان إدخال عائداتها إلى الموازنة العامة، بدلا من إدارتها محليا، وسط اتهامات متكررة بالفساد والتهريب.

وفي الجانب المدني، دعا المقترح إلى تسليم مؤسسات الدولة وإلحاق المديريات في مناطق سيطرة قسد بالوزارات المركزية، لإنهاء ما وصفه بـ”الانفصال الإداري الفعلي” الذي يعيق الوحدة الوطنية.

رد قسد: ألوية إضافية ولا مركزية سياسية
في ردها المكتوب، الذي وقع باسم مظلوم عبدي بعد 13 يوما من تسلم المقترح، رحبت قسد بمبدأ تشكيل الفرق العسكرية، لكنها اشترطت –إلى جانب الفرق الثلاث– إنشاء ثلاثة ألوية مستقلة: لواء حماية المرأة، ولواء مكافحة الإرهاب، ولواء حرس الحدود.

كما اقترحت ضم 35 ضابطا من قسد إلى هيئات وزارة الدفاع، مع ضمان تمثيل دائم لها في هيئة الأركان، وتعيين نائب وزير دفاع خاص بالمنطقة الشرقية.

وفي ملف الحدود، رفضت قسد تسليمها الكامل للسلطة المركزية، واقترحت بدلا من ذلك تسيير دوريات مشتركة، بإشراف وزارة الدفاع، وبالتنسيق مع “حرس الحدود” الذي تطالب بتشكيله، مع تحديد عدد الآليات المسموح بدخولها مناطق سيطرتها، وبوساطة التحالف الدولي.

أما ملف النفط والإدارة المحلية، فاعتبرت قسد أنه جزء من “مسار سياسي منفصل” عن الاندماج العسكري، مؤكدة ضرورة التوصل إلى حل دستوري لا مركزي يتيح لأبناء المنطقة إدارة شؤونهم.

دمشق ترد: إحباط وتشكيك في النوايا
وفي أول رد رسمي، نقلت وكالة الأنباء السورية “سانا” عن مصدر مسؤول في وزارة الخارجية والمغتربين، تعبيره عن “إحباط واضح” من رد قسد، معتبرا أن النقاش ما زال يدور في إطار الشعارات دون ترجمة عملية على الأرض.

وأكد المصدر أن استمرار وجود مؤسسات أمنية وعسكرية خارج إطار الدولة، وغياب جداول زمنية واضحة للاندماج، يكرسان الانقسام بدل معالجته، ويفتحان باب التشكيك في جدية الالتزام باتفاق 10 آذار/مارس.

وانتقد المصدر التناقض بين الحديث عن الحوار واستمرار تشكيلات مسلحة بقيادات مستقلة وارتباطات خارجية، معتبرا أن ذلك يمس السيادة الوطنية ويعرقل الاستقرار، لا سيما في ملفي المعابر والنفط.

وختم بالتأكيد على أن الطرح الحالي للامركزية “يتجاوز الإدارة المحلية إلى لامركزية سياسية وأمنية”، قد تفضي إلى تكريس كيانات أمر واقع تهدد وحدة الدولة السورية.

تكشف هذه التطورات أن اتفاق 10 آذار/مارس يواجه اختبارا حقيقيا، في ظل فجوات عميقة بين رؤية دمشق المركزية ومطالب قسد اللامركزية، وسط سباق مع الزمن قبل نهاية 2025، إما نحو تسوية شاملة أو نحو مرحلة جديدة من التصعيد السياسي وربما الأمني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى