أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

الوالدية وممارسة طقوس الحب (3)

مارية ماجد محاجنة (جمعية سند لصلاح الأسرة وبناء المجتمع)

لقد تعمدت كتابة السلسلة تحت عنوان الوالدية وليس الأمومة مثلا، وذلك لطرح مفهوم الشراكة الأسرية والتربية الموجهة والمطلوبة من كلا الوالدين على حد سواء دينيا وإن لم يكن مجتمعيا وعرفيا، فالأم منوط بها واجب التربية ورعاية الأبناء أكثر من الأب بعرف المجتمع وليس بحكم الدين.

فالنبي صلى الله عليه وسلم عندما وجده ابن الحصين يُقَبِّل أحد أحفاده، وتعجبه من فعل نبينا عليه الصلاة والسلام بقوله: إن لي سبعا من الولد لم أقبل أحدا منهم. وردّ النبي عليه بقوله: وماذا أفعل إن كان الله قد نزع من قلبك الرحمة، كان ابن الحصين أبا ذكرا ولم يقل له: هذا واجب زوجتك أم أولادك مثلا!

فالأبناء اليوم في زمن الفتن والصحبة غير المنضبطة أو الوهمية أو الافتراضية في عالم التواصل الاجتماعي، تلزمنا أكثر من اي وقت مضى لنكون ملاذهم الآمن ومستشاريهم الثقات ووجهتهم عند اضطراب سفينتهم، ورايتهم عند هبوب العاصفة، فمن كان يظنّ من الوالدين أنه بالإمكان قيادة الأبناء في زماننا على طريقة سمعنا وأطعنا، أو نفّذ ما أقول لك ثم ناقشني! فقد أخطأ التصور، وإن صلح الأمر داخل إطار ومنظومة الأسرة، فهو بالتأكيد سيفتقد القدرة والمرونة بشخصيته للتأقلم خارج إطار الأسرة الذي يتطلب مهارات أخرى كالجرأة والثقة والشجاعة والقدرة للتعبير عن النفس بكل حرية، وليس وفق منظومة سمعا وطاعة للبيئة والمحيط المليء بالتحديات والحاجة لشخصية قوية لمواجهة التحديات المختلفة. وخير سلاح في التربية اليوم هو: سلاح الحب والعاطفة الذي إذا استشعرت فيه الفتاة واغترفت في بيتها لن تبحث عنه بين ذئاب المجتمع وكذلك الابن الذكر أيضا. كذلك إن منحت الفتاة من والدها الحب ستمنحه لزوجها مستقبلا، وكذلك الابن لزوجته.

لذا علينا جميعا كوالدين أن لا ننتظر “ردّ الجميل” من الأبناء، إنما تلقينهم جمالية الحياة، وجمالية التربية، وجمالية الأسرة ودفئها وحنوها ورغدها، ليكونوا امتدادا لنا مع الجيل القادم، من خلال ممارسات وعادات يومية تكون طقوسا أسرية لا غنى عنها: كاحتساء فنجان من القهوة كل صباح مع الأسرة، أو وجبة الغذاء التي يتصاعد منها البخار وتنبعث منها رائحة القرفة والقرنفل، أو السهرة العائلية حول الموقد في الشتاء وعلى البلكونة في الصيف، أو قبلة الجبين أو وداع الأبناء والابتهاج بقدومهم عند دخولهم المنزل. كل ذلك من شأنه أن يعدل جمال الخارج وما فيه من جمال بل قد يضاهيه.

 

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى