أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

الرسائل الخفيّة في الاعلام وكيف تجدها (29): على عتبة المزيد من الانتخابات…

عائشة حجّار
لم تكن هناك معركة انتخابية حقيقية هذه المرة، الأحزاب متعبة ومُفلسة بعد ثلاث جولات انتخابية تدور حول شخص واحد، والناس- كل الناس، متعبون بعد سنة من الوباء والبلبلة والضياع وفشل كل مركبات الحكومة الاسرائيلية في مواجهة امتزاج بشع لمرض جديد، ووضع سياسي قذر، فيه تتخذ القرارات حسب استطلاعات الرأي والمصالح الحزبية.
ربما لم تشهد السياسة الاسرائيلية جولة انتخابات ميتة إلى هذه الدرجة. للأمانة كان يبدو في البداية، أنّ ندًا قد ظهر لنتنياهو، لكن بما أن نتنياهو هو الشخص الذي تدور حوله الانتخابات، وهو أكثر اسم يردده نشطاء جميع المعسكرات، فإنه عندما استمر في تجاهل وجود خصمه جدعون ساعر وتهميشه، حكم عليه بالتلاشي، مقابل نقل المزيد من الاصوات إلى يائير لبيد، الذي لا يملك ببساطة القاعدة الشعبية للتحول الى رئيس حكومة. وببساطة فطالما أن المعارضة الاسرائيلية تدور في فلك نتنياهو فإنه سيبقى مركز اللعبة السياسية، الحل الوحيد هو تقديم ندٍّ له يضاهيه في قدراته وثقته، تلك الثقة التي تجعله يصبّ القهوة لبدوٍ في بيت شعرهم بالرغم من أن الآليات الاسرائيلية تستمر في هدم بيوتهم والتضييق عليهم. وفي الواقع زيارات الرجل للبلدان العربية، هي تصرف عنصري استعلائي يدل على استهتاره بعقول أبناء المجتمع العربي، واعتقاده أنه يستطيع إرضاءهم بزيارة وبضع كلمات.
كل حركة يقوم بها نتنياهو أمام الكاميرات، مدروسة جيدًا ومخطط لها، على عكس معظم خصومه السياسيين. هو يظهر أنه أفضل ممن يجلس أمامه، سواء بمطالبة الصحفيين بإزالة السماعات التي تصلهم بالمخرج ملمحًا الى أن هناك من “يهمس” للصحفي بما يجب أن يقول ويجعله مسلوب الارادة. كذلك الامر في تنديده بتهجم مناصريه على خصمه جدعون ساعر منوهًا أن العنف مرفوض مهما كان المرشح هامشيًا، وبهذا نكاد لا نجد أي تصريح لرئيس الحكومة الاسرائيلي دون أن يسخر ويحط من قدر كل من لا يبدو شريكًا طبيعيًا ونصيرًا تلقائيًا له.
هنا نصل سؤالًا مهمًا، ما العلاقة بين كل المظاهر الاعلامية لكل سياسي اسرائيلي (ليس فقط نتنياهو) وما سيحصل على أرض الواقع؟ هل يمكننا، كعرب، استغلال رغبته بتحصيل بعض الأصوات العربية لتحصيل حقوق أو ميزانيات اي كانت؟ هنا لا بد من الالتفات الى أمرين يجيبان على هذه التساؤلات، أولًا اننا نتحدث هنا عن دولة قومية يهودية، يمكنها أن ترمي إلى العربي فتاتًا كثيرًا على طريقة “العلف” لتمتلئ الكروش وتفرغ الرؤوس، ليتجرد هذا العربي من قيمة نفسه، ويعتقد أن صحن طعام ورحلة هما “حقوق” تؤثر على حقه في الحياة والمساواة وتقرير المصير. الأمر الثاني هو أن السياسي اليهودي الحديث، ببساطة أثبت مرة تلو أخرى أنه لا ينفّذ وعوده للناخب اليهودي، فهل سينفّذها أمام شعب يرى فيه عدوًا متخلفًا يمكن ارضاؤه بفنجان قهوة؟

مقالات ذات صلة

زر الذهاب إلى الأعلى