أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

لعبة الكنيست والمراجعات الجريئة للرفيقين عوض عبد الفتاح وباسل غطاس

عبد الإله وليد معلواني
رغم أن اللجنة المركزية لحزب “التجمع” قررت مساء يوم الاحد الموافق 28-7-2019 خوض لعبة الكنيست الثانية والعشرين من ضمن القائمة المشتركة، ورغم أنها استندت في قرارها على ادعاء أن تركيبة القائمة المشتركة وإن كانت لا تعكس قوة التجمع ومكانته إلا أنها اتخذت هذا القرار من أجل “زيادة التمثيل البرلماني في إطار وحدوي يعبر عن رغبة أغلبية أبناء شعبنا في الداخل في ظل استهداف العمل السياسي الوطني والحزبي في الداخل ومحاولة نزع الشرعية عن الاحزاب الوطنية من قبل المؤسسة الاسرائيلية..”، ومن أجل: “تعزيز المشتركة كمشروع وطني لتنظيم العمل السياسي العربي في الداخل على أسس وطنية وديمقراطية)!!
رغم كل هذا (المكياج الاستغفالي) الذي جهدت مركزية التجمع أن تزين به قرارها الذي أحدث هزة في داخل التجمع والتي قد تكون لها عواقبها في الأيام القادمة، رغم كل ذلك فإن أمين عام التجمع السابق، الرفيق عوض عبد الفتاح وجد من الجرأة الكافية والصراحة الواضحة أن يغرّد خارج سرب التجمع في مراجعاته الجريئة الأخيرة حول لعبة الكنيست، ولمن لا يعلم فإن الرفيق عوض عبد الفتاح كان من المؤسسين لحركة أبناء البلد وشغل فيها دور المنظّر لها، ثم كان من المؤسسين لحزب التجمع وشغل فيه أحد المنظرين له، كما وشغل فيه منصب الأمين العام لسنوات طويلة، وما نعرفه عن الرفيق عوض عبد الفتاح أنه ما تاجر يوما من الأيام بدوره السياسي وعطائه وتضحياته، ولذلك لا يستطيع أن يزايد عليه أحد من مؤيديه أو معارضيه، فظل هو عوض عبد الفتاح طوال الوقت بعيدا عن الطمع بمنصب أو مال أو جاه أو شهرة أو وظيفة، وذات يوم نظّر عبر مقالاته للقائمة المشتركة في بدايات تولدها، واعتبرها مشروعا وطنيا ثم دارت الايام، وأخذت لعبة الكنيست بعامة والقائمة المشتركة بخاصه، حظها من التجربة في مراجعات الرفيق عوض عبد الفتاح، وأخيرا ومن ضمن مقالة له بعنوان (كيف نوقف ثقافة التدمير الذاتي؟) خرج بهذه النتيجة كحصيلة لتجربة التجمع مع القائمة المشتركة فكتب يقول من ضمن هذه المقالة: (ولكن مع مرور الوقت، ومع ازدياد حملات التحريض والتخويف والملاحقة ضد التجمع، ومع تصاعد قوة اليمين المتطرف الذي لم يعد يفرق بين حزب “معتدل” وحزب ” متطرف”، بدأ يظهر التجمع كعبء على القوى السياسية الأخرى، التي تختلف برؤيتها وبنهجها وتميل إلى الأسلوب الناعم، وتتفادى تحدي الجوهر الصهيوني العنصري للدولة والتقرب من يسار المركز الصهيوني. وهذه القوى هي، أيضًا، ضد تنظيم المجتمع الفلسطيني قوميًا).
وها هي الاحداث من حولنا تصدق ما قاله الرفيق عوض عبد الفتاح في هذه الفقرة من مقالته، فها هو أيمن عودة قد أعلن موافقته المبدئية للتحالف مع ميرتس!! وبات الجميع منا لا يخفى عليه هذا الاعلان المريض!!، وها هي قد كثرت المقالات والتحليلات التي كشفت عن علاقة الطيبي مع محمد دحلان ومع الاموال الخليجية المشبوهة التي جاءت من وراء البحار لتمرير املاءاتها السياسية على من يتواصل معها!!
وها هو د. منصور عباس بدأ يكرر نعت ذرية المشروع الصهيوني بأبناء العمومة!! وما ندري ما يخبئ لنا المستقبل من مفاجئات تدع الحليم حيرانا!!
لكل ذلك لم يتردد الرفيق عوض عبد الفتاح أن يمضي في مقالته ويكتب قائلا: (ومن الواضح أن الخصومات القديمة ضد التجمع، والوهم الذي وقع فيه الخصوم مؤدّاه أنّ التجمع بات ضعيفًا للغاية، وأنها الفرصة المواتية لإضعافه وتهميشه، والاستحواذ على الغنيمة (الكراسي) بهدف التخلص من مشاكسته وترويضه بالكامل، كل ذلك مهّد، بل قاد إلى الحالة الكارثية العامة الراهنة داخل الخط الأخضر، أي إلى عملية تخريب ما تبقى من قيم سياسية سليمة، بل تخريب وطني آخذ بالاتساع. وبنى هؤلاء الخصوم رهانهم على ضعف أو حسن نية القيادة الحالية، أو تحديدًا الوفد المفاوض، فأمعنوا في غيهم وغطرستهم)، وبناء على هذه الفقرة التي فيها من الدلالات الواضحة بين السطور يمكن لكل عاقل أن يستنتج بوضوح أن القائمة المشتركة في تركيبتها الأخيرة هي (كورك على ضلع) وقامت على قاعدة (على عينك يا تاجر) وما فيها مشترك الا اسمها!! والا فقد تركت صفوفها الداخلية متصدعة ومنقلبة على بعضها! والشواهد على ذلك كثيرة!!
ثم في لحظة مراجعات جريئة غير مسبوقة، يقول الرفيق عوض عبد الفتاح في مقالته: (منذ عام 2013، بدأت تشتد قناعاتي بضرورة التفكير جديا بمقاطعة الانتخابات، لسببين: الأول التضييق الكامل على عمل أعضاء الكنيست العرب وإغلاق هامش العمل الضيّق أساسًا، فبات وجودنا يظهر، أكثر من أي وقت مضى، كغطاء لنظام عنصري وكولونيالي آخذ في التغول؛ أمّا السبب الثاني فهو اشتداد التعلق بالكنيست، وتحويلها إلى ساحة العمل المركزية، وإلى ساحة تنافس شرس بين الأحزاب العربية على حساب العمل الشعبي، وحلول النزعة الذاتية النرجسية محل الأخلاق السياسية التي تُؤثِر المصلحة الجماعية على المصلحة الخاصة)، ولو لم ـكن أعرف من كاتب هذه الفقرة لقلت بلا تردد أن كاتبها هو أحد اقلام الحركة الاسلامية المحظورة اسرائيليا!!، ثم يفصح الرفيق عوض عبد الفتاح عبر هذه المقالة عن البديل المطلوب عن لعبة الكنيست فيكتب قائلا: (اخترت منذ عامين ونصف العام إعفاء نفسي من أي منصب رسمي في حزبنا، أولًا كممارسة نقدية ذاتية، وثانيا، لأنني اعتقدت أن الحزب غير جاهز، ذاتيا وموضوعيا، للانتقال إلى مرحلة مشار إليها ضمنًا في برنامجه، ألا وهي مقاطعة الانتخابات للكنيست والشروع في حملة شعبية ميدانية مع شركاء لانتخاب لجنة المتابعة العليا، لفتح المجال لإشراك الناس في السياسة، وتقرير مصيرهم، من خلال انتخاب ممثليهم في مرجعية وطنية عليا (تبلورت هذه القناعة بعد أن يئسنا من التغيير من داخل هيئة لجنة المتابعة)، وهذه الانتخابات المباشرة، هي ما يحول أقليّة قومية أصلانية محاصرة ومستهدفة في أرضها وهويتها وتطورها، من الهامش إلى المركز، أي ما يمنحها الثقة والشعور بالقوة، والإمساك بمصيرها.. ) وهكذا تلتقي قناعات الرفيق عوض عبد الفتاح مع قناعات الحركة الاسلامية المحظورة إسرائيليا في دائرة واحدة.
ثم أخيرا، انا أوافق الرفيق عوض عبد الفتاح عندما كتب في اخر فقرة من هذه المقالة يقول: (في مواجهة هذه الحالة، بدأ يتكون شعور متزايد بالحاجة لديّ ولدى آخرين كثر بضرورة الانتقال من الموقف النظري لمقاطعة الكنيست الفردية إلى تنظيم هذه المقاطعة، على نطاق واسع، باعتباره الخيار الوحيد المتبقي لإنقاذ العمل الوطني، وحماية مجتمعنا من المخاطر الداخلية والخارجية، لقد بات تيار المقاطعة هو التيار الأكبر، بل تيار الغالبية، لأسباب احتجاجية وأيديولوجيّة وتكتيكية، ولكنه غير منظم). ثم اضم صوتي إلى نداء الرفيق عوض عبد الفتاح الذي ختم به مقالته صارخا: (فهل آن الأوان للتنادي واللقاء لبحث هذا الخيار وإنقاذ الحركة الوطنية، كما فعلنا بعد كارثة اتفاق أوسلو، ولكن هذه المرة بدون كنيست الأبرتهايد؟)!!
مراجعات د. باسل غطاس
كان البعض من القيادات العربية في الداخل الفلسطيني جريئا عندما قرر خوض غمار لعبة الكنيست، وكان جريئا عندما أعاد النظر في هذه اللعبة وعندما كتب وبصراحة ووضوح عن مراجعاته حول هذه اللعبة بعد ان اقتحمها بنفسه أو اقتحمها من خلال قائمته الكنيستية، وانا هنا لا اتحدث عن د. عزمي بشارة الذي قال جملته المشهورة للشيخ رائد صلاح: “نحن شهود زور في الكنيست”، ولا أتحدث عن المرحوم هاشم محاميد الذي قال جملته المعبرة أيضا للشيخ رائد صلاح: “نشعر أننا غرباء في الكنيست بل أتحدث هنا عن مراجعات حديثي العهد بالكنيست، فهذا الأسير السياسي المحرر د. باسل غطاس الذي شغل منصب عضو كنيست ومن ضمن مقالة له بعنوان (مأزق المشتركة وآفاق الحركة الوطنية )، كتب يقول: “أخطر ما يجري في الاسابيع الاخيرة في موضوع تشكيل أو عدم تشكيل القائمة المشتركة، ليس التراجع في شعبية القائمة والاحزاب أو امكانية أن تهبط نسبة التصويت والتمثيل العربي في الكنيست، وذلك بسبب المزاج الشعبي الذي تعكر بسبب تعثر المفاوضات، وإنما تركيز كل الراي العام العربي، بما فيه من إعلام رسمي وشعبي وشبكات تواصل، على موضوع الكنيست وترويض الوعي العام أو كيه بأن المجتمع الفلسطيني في الداخل لا يملك في مواجهة ممارسات وسياسة التمييز والفصل العنصري، سوى ساحة العمل البرلماني، وأن وجودنا وتأثيرنا، كأحزاب وكمجتمع، رهن في اللعبة السياسية الإسرائيلية، وأن هذه هي اللعبة الوحيدة في المنطقة”، وهذا بالضبط ما اجتهدت أن أؤكده في سلسلة مقالاتي التي كتبتها قبيل دورة لعبة الكنيست رقم (21).
ثم كتب د. باسل غطاس من ضمن مقالته (وضع كل “بيضنا” في سلة “النضال” البرلماني، الذي أصبح بالنسبة للناس، نتيجة سلوك كل الأحزاب وإعطاء دور مقرر للجنة الوفاق، هو موضوع كراسي وامتيازات، وكذلك يسهم في إعادة إنتاج خطاب الحقوق المدنية والخدمات، كأننا نعيش في دولة ديموقراطية فعلا، ولسنا أصحاب الوطن الأصليين، وضحايا مشروع استعماري احتلالي مستمر). وهو اعتراف جريء ينم عن موقف رجولي!! ثم يفصح د. باسل غطاس بجرأة أشد عن مراجعاته حول لعبة الكنيست حيث يمضي ويكتب ضمن مقالته: (هذا تحصيل حاصل، لفشلنا التاريخي في مأسسة مجتمعنا وتنظيمه جماعيا، وهذا يتحمل مسؤوليته جميع الأحزاب، وأولهم التجمع، الذي جعل هذا الموضوع حصرا ركيزة أساسية في مشروعه السياسي. ويمعن الكلّ، الآن، في خلق مرحلة جديدة تتسم بتذويت… لدرجة الإعجاب بقوانين اللعبة السياسية الداخلية الإسرائيلية، وحتى العودة إلى مفاهيم مرحلة أوسلو التي حسبنا أننا وأدناها؛ مفاهيم مثل أن العرب في معسكر ما سمي زورا وبهتانا “السلام”، وأحيانا يسمى اليسار ومؤخرا المعسكر الديموقراطي)، وأصارحكم القول إنني لو لم أعرف كاتب هذه الفقرة سلفا لقلت إن الذي كتبها هو أحد اقلام الحركة الاسلامية المحظورة اسرائيليا!!
ثم يواصل د. باسل غطاس إبداعه في هذه المراجعات الجريئة حيث يمضي ويكتب من ضمن مقالته: (…والأخطر بكثير، هو أن تتسلل إلى مفردات وتعابير حتى في الخطاب السياسي الوطني، من خلال رفع شعارات مثل إسقاط نتنياهو وإسقاط صفقة القرن، بنوع من الديماغوجيا أو الهروب إلى الأمام، وكأن منافس نتنياهو، الجنرال بيني غانتس حمامة سلام ويداه غير ملطخة بدماء شعبنا في غزة). وهو تحليل عميق لا ينتطح عليه عنزان ولا يماري فيه إلا مكابر!!
ثم يطلق د. باسل غطاس صرخة تحذير مدوية حيث يمضي ويكتب ضمن مقالته: (إن سلوك الأفراد وكذلك الجماعات ضحايا الاستعمار وسلب الأرض والوطن، والسطو العنيف والقهري على المكان والحيز العام، وعلى كل ما يشكل الذاكرة والوعي الجمعي الفلسطيني، بات معرضًا لأن يصبح سلوكا مشوها يتمثل بقبول واقع مواطنة إسرائيلية مجتزأة في حالتنا، وهوية عربية مشوهة).
ثم بعد كل المراجعات الشجاعة يخلص د. باسل غطاس الى نتيجة شجاعة حيث يمضي ويكتب ضمن مقالته (…حان الوقت لكي يكون لدينا مشروع وطني واضح ومتكامل الملامح، مشروع بنيوي لبناء الذات ولتحقيق أهداف وطنية جامعة. لا يعقل أن نكون، بعد أكثر من السبعين عاما، مجتمعا بلا مؤسسات وطنية منتخبة، ذات موارد وقادرة على قيادة وتنظيم الشعب والمجتمع. لا يعقل أن نكون حتى الآن بلا مؤسسات تمثيلية منتخبة تستمد شرعيتها من ثقة الناس. لا يعقل أنه حتى الآن، لا يوجد لدينا صندوق قومي، ولا يوجد لدينا جامعات ومعاهد أكاديمية ومؤسسات اقتصادية وتنموية جماعية وجامعة.
وفي الوقت الذي أحيي فيه د. غطاس على حزمة هذه الافكار المبدعة فإنني أوكد بلا تردد أن هذه الافكار المبدعة من ضمن الأصول التي قامت عليها الحركة الاسلامية المحظورة اسرائيليا، والتي كتبت وسعت الى تحقيقها على أرض الواقع ومن اراد التأكد فانصحه قراءة كتاب: (إضاءات على ميلاد الحركة الاسلامية) لفضيلة الشيخ رائد صلاح، فك الله أسره من الحبس المنزلي.
وعلى ضوء هذه الافكار المبدعة يختم د. غطاس مقالته بسلسلة برقيات تحمل كل برقية منها اقتراحا هاما، حيث يمضي ويختم مقالته بما يلي: (لنبنِ أولا مشروعنا الوطني ولنحصن مجتمعنا ونقيم مؤسساته على أسس عصرية ومهنية. فقط على هذا علينا أن نعول على أنفسنا، على شعبنا المقدام، ولنضع نصب أعيننا هذه الأهداف الكبرى وليس البحث على إنجازات صغيرة هنا وهناك. … لنعمل ميدانيا على إعادة مهجرينا إلى قراهم كمشروع نضالي وليس كإحياء ذكرى، لنعمل على استعادة أوقافنا وخاصة الوقف الإسلامي كمشروع نضالي وليس كمطلب رمزي أكل الدهر عليه وشرب، لنعمل على استعادة أراضينا المصادرة وعلى حقنا في الأرض والمسكن).
ومرة أخرى في الوقت الذي أحيي فيه د. غطاس على هذه الافكار، فانا أوكد للقاصي والداني ان هذه هي الافكار التي كانت تضبط رؤية الحركة الاسلامية المحظورة اسرائيليا!! ثم أرى من الواجب أن أؤكد تقديري الصريح لهذه المقالة التي كتبها د. باسل غطاس، وهذا لا يمنعني أن أقول: انني لا أوافق على كل ما ورد فيها وما اروع قول الحكيم: خلاف الرأي لا يفسد للود قضية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى