أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةأخبار وتقاريرمحليات

“الزرنوق” في النقب.. مسلوبة الاعتراف وتعيش تحت التهديد المستمر بالتهجير القسري

ساهر غزاوي
مثل غيرها من القرى العربية الفلسطينية في النقب غير المعترف بها، تتعرض قرية الزرنوق التي يتعدى عدد سكانها 5 الألاف نسمة، للتمييز الإسرائيلي المُمنهج في التخطيط والذي يؤثر على جميع مناحي حياة السكان العرب الأصلانيين في قريتهم وطمس حقوقهم الأساسية، هذ عدا عن بيوتهم التي تهدم بشكل دوري ويتم تغريم الأهالي بتكاليف الهدم الباهظة مع عدم قدرتهم على دفع تلك الغرامات، وفي الوقت الذي يعيش العديد في حالة من الفقر وغياب البُنى التّحتيّة والتخطيط السليم.
ويضاف إلى ذلك، فإن قرية الزرنوق تعاني من تواجد مستمر لقوات من الجيش الإسرائيلي الذي يقوم بتدريبات في المنطقة والقرية، أدت في تاريخ 25.4.2017 إلى استشهاد الطفلين محمود وعمر أبو قويدر (6 و10 أعوام) بانفجار عبوة ناسفة من مخلفات الجيش الإسرائيلي.
واعتقل عدد من أبناء قرية الزرنوق على خلفية وطنية، كان ذلك في إطار حملة ملاحقات سلطوية شنت ضد أبناء النقب والداخل على مواقفهم المناصرة لقطاع غزة على خلفية العدوان الإسرائيلي في العام 2012، منهم الأسيران سامح أبو قويدر ومحمد أبو قويدر وتحررا قبل عامين من السجون الإسرائيلية بعد 5 سنوات من السجن الفعلي، والأسير محمود أبو قويدر الذي ما زال ينتظر الحرية، وحكم عليه بقضاء 11 عاما في السجن على نفس الخلفية.
الهدم وتكاليفه شبح يهدد الأهالي
وللحديث عن تفاصيل طبيعة الحياة في قرية الزرنوق (أبو قويدر)، يقول عضو اللجنة المحلية في القرية محمد أبو قويدر، لصحيفة “المدينة” إن الزرنوق تفتقر إلى مقومات الحياة الأساسية، فلا وجود لشبكات كهرباء ومياه وتصريف صحي، ويترك الناس ليعيشوا على الطاقة الشمسية ويحصلون على المياه بشرائها بأضعاف السعر من شركة “مكوروت”، ولا يوجد في القرية حاويات للقمامة إلا حاوية واحدة وضعت خصيصا للمدرسة ورياض الأطفال.
ويضيف قويدر أن القرية إلى جانب أنها محاصرة من جميع الأطراف وليس بإمكانها التوسع، فإنها “تعاني من سياسية هدم البيوت وضيق الحارات وقلة المسكن وأراضي البناء، مما يسبب أزمة وكثافة سكانية في القرية، وهناك الكثير من الشباب المقبلين على الزواج لا يستطيعون بناء البيوت خشية إقدام السلطات الإسرائيلية على هدمها وتغريمهم تكاليف باهظة الثمن لا يقدرون عليها، وفي معظم الحالات، ورغم ضيق البيت وقلة مساحته، يضطر الأب إلى قسم بيته مناصفة مع ابنه المقبل على الزواج”.
ويتابع: تحارب الزرنوق منذ أعوام طويلة بشكل مستمر لانتزاع الاعتراف بها على أرضها، وتوجه أهالي الزرنوق إلى القضاء والكنيست ومؤسسات العمل المدني، إذ تتمحور معركة الزرنوق حول منع مخطط تهجير عائلة أبو قويدر الذي أعدته “سلطة تطوير النقب” من قريتهم الزرنوق إلى حارة في مدينة رهط.
لا بديل عن الصمود
ويُبين محمد أبو قويدر أن هناك خطة إسرائيلية منذ نحو 30 عاماً تهدف إلى تهجير أهالي قرية الزرنوق وعائلة أو قويدر وترحيلهم إلى مدينة رهط، وهذا ما يرفضه الأهالي لأسباب عدة منها وأهمها، أنه “لا بديل عن الصمود والثبات والتشبث بأرضنا ولا يوجد حل أفضل بالنسبة لنا من ذلك، الرحيل وترك الأرض يعني معاناة أخرى وربما معاناة مضاعفة، خصوصا أن البديل لا يتوافق مع آمال ومتطلبات الأهالي ونحن نتحدث عن مدينة كبيرة في تجمع سكاني الأكبر في المنطقة، مثل رهط التي هي بالأصل تفتقر إلى قسائم البناء وتعاني من ضائقة سكانية”.
ويستدرك عضو اللجنة المحلية حديثه لـ “المدينة” قائلاً: “على أثر ما ذكرت فإننا دائماً نتوجه إلى أهلنا في قرية الزرنوق بالثبات والصمود وعدم الانجرار وراء السلطات الإسرائيلية وأكاذيبها ووراء ما يسمى “سلطة تطوير وتوطين البدو في النقب” التي هي بالأصل والحقيقة إنها “سلطة تدوير واحتيال” إذ أن هذه السلطة تتباهى بهدم البيوت ولا تقدم أية حلول حيث أنها تهدم ما يقارب من 2500 بيت في السنة في القرى غير المعترف بها، فهل هذا هو التطوير الذي تتشدق به؟”.
وعن قطاع التعليم في الزرنوق، يقول أبو قويدر إن في القرية مدرسة واحدة تضم مرحلتي الابتدائية والإعدادية ما عدا الصف التاسع الإعدادي، وتضم نحو 950 طالب وطالبة موزعين على 12 صفا، لكن قسم كبير من هذه الصفوف عبارة عن “كرافانات”، وهناك رياض أطفال يضم نحو 375 طالبا يتوزعون أيضا على عدة “كرافانات” وليس مبنى خاص للطلاب. ولفت إلى أن هناك ما يقارب من 450 طالبا وطالبة في مرحلة التعليم الثانوي من الزرنوق في 12 مدرسة، ويضطرون إلى السفر بحافلات إلى البلدات التي تبعد بعضها أكثر من 100 كلم عن القرية، مما يشكل عبئا كبيرا على الطلاب ويعود بانعكاسات سلبية جمة على مستواهم التعليمي والتربوي.
وعن ما يعيشه شخصيا بهذا الخصوص، يقول محمد أبو قويدر (36 عاما) وهو أب لثلاثة طلاب في المرحلة الابتدائية: “نعيش في بيت صغير متواضع والحمد لله والأولاد يتعلمون في المدرسة الابتدائية في واحة الصحراء-أبو قويدر-ويذهبون سيرا على الأقدام إلى مدرستهم كل يوم، ونسبيا لا تبعد كثيرا المدرسة عن البيت لكن في فصل الشتاء وبسبب الطرق غير المعبدة والوعرة تتحول الشوارع والطرق إلى بركة من المياه الوحل والطين وأضطر حينها للتأخر عن العمل لأقوم بإيصال أبنائي إلى مدرستهم وهذ حال الكثير من الأهالي في قرية الزرنوق”.

محمد أبو قويدر
محمد أبو قويدر

تفاؤل رغم المعاناة
ورغم ما نعانيه في قرية الزرنوق إلا أنني أنظر بتفاؤل إلى المستقبل، يؤكد عضو اللجنة المحلية ويقول: لقد بات واضحا للجميع أن مخطط تهجير وترحيل أهالي الزرنوق إلى رهط قد فشل وإن شاء الله سنعلن قريبا عن وفاته، لكن يجب على الأهالي العمل جاهدا من أجل نزع الاعتراف بالقرية والحقوق الأساسية كخطوة أولى والتصدي لسياسة هدم البيوت، والى جانب توسعة المدرسة الوحيدة في القرية يجب أن نعمل موحدين على إنشاء وإقامة مدارس ثانوية وتعبيد الطرق والشوارع وإضافة حارات جديدة إلى القرية وحل مشاكل أزمة عشرات الشباب المقبلين على الزواج”.
ويبن محمد أبو قويدر في ختام حديثه لـ “المدينة” إلى جانب المعاناة التي ذكرها، صورة أخرى لقرية الزرنوق إذ يقول: ” تميزت الزرنوق على مر السنوات بحالات من الإبداع في الصمود والحياة والمقاومة رغم المعاناة،، كما احتضنت العديد من المبادرات التطوعية والاجتماعية حيث خرجت 10 أطباء وهناك ما يقارب من 50 شابا يدرسون حاليا الطب خارج البلاد وهناك أيضا 5 محامين ونسبة الأكاديميين في ارتفاع، هذا عدا على ان نسبة البطالة لا تتعدى الـ 5% وهذه نسبة جيدة ويعتاش الأهالي على الزراعة والمواشي ويعمل الكثير منهم في الأعمال التجارية والصناعية خارج حدود القرية.

قرية الزرنوق
الزرنوق (أبو قويدر) هي إحدى القرى العربية الفلسطينية الكبيرة في النقب غير المعترف بها من قبل السلطات الإسرائيلية، ويتعدى عدد سكانها 5 آلاف نسمة، تقع شرق مدينة بئر السبع بحوالي 13 كيلو متر على طريق 25 الممتد بين بئر السبع وديمونة في النقب، والذي هو بمثابة شريان الحياة الرئيسي للعديد من قرى النقب مسلوبة الاعتراف. تحد قرية الزرنوق من الشرق قرية بير المشاش، ومن الغرب قرية خشم زنة ومن الشمال قرية بير الحمام، ومن الجنوب قرية أبو تلول، وكلها قرى غير معترف بها.
تعود تسمية القرية نسبة لوادي الزرنوق الواقع شمالي القرية، وهو وادي معروف يفيض بمياه الأمطار في فصل الشتاء. وكلمة “الزرنوق” تعني النهر الصغير. ويصل عدد سكان القرية حسب تقديرات غير رسمية نحو 5 آلاف شخص وتسكنها عائلات أبو قويدر وأبو ماضي والرفايعة والأعسم وغيرها. تعد عائلة أبو قويدر أكبر عائلات الزرنوق ولهذه تعرف القرية أيضا باسم “أبو قويدر”، ويصل عدد السكان من عائلة أبو قويدر حسب تقديرات غير رسمية نحو 3 آلاف نسمة.
يتوسط القرية جامع كبير هو مسجد الرحمة الذي تم بناْه عام 1979م وبهذه يعتبر أول مسجد تم بناءة في قرية غير معترف بها في النقب. في عام 1999م تم أعادة بناء وتوسيع المسجد في موقع قريب من المسجد القديم.
وبحكم كون القرية غير معترف بها، فهي تفتقر للبنى التحتية وأي من الخدمات الأساسية. إلا أن بعد نضالات طويلة من أهالي القرية ودعاوي قضائية أسفرت عن إرغام الدولة على إنشاء مدرسة ابتدائية وعيادة صغيرة في القرية. ويعتمد سكان القرية أساسا على الأعمال الحرة، مقاولين وبنى تحتية وشاحنات لنقل المواد الخام استصلاح الأراضي المجاورة على تربية المواشي.
وشهدت القرية عدة حالات هدم بيوت بحجة البناء غير المرخص وتعيش القرية تحت التهديد المستمر بالتهجير القسري وفقا لما يعرف بخطة “برافر” التي صادقت عليها الحكومة الإسرائيلية والتي تهدف حسب الرواية الرسمية لترتيب توطين البدو في النقب وحل قضية ملكية الأراضي. إلا أن أهالي القرية كغيرها من القرى غير المعترف بها تخشى من الترحيل الذي يمكن أن يطال 45,000 شخص من عرب النقب وتركيز السكان العرب في قرى مكتظة ومصادرة أراضيهم.
وفي الآونة الاخيرة (منتصف 2012) تقدمت جمعية “ريجابيم” الصهيونية التي تعنى بتوثيق ما يسمى “بإجتيازات البناء عند العرب” بدعوة أمام المحاكم الإسرائيلية بطلب هدم جميع مباني القرية بحجة أن أراضي القرية هي أراضي خاصه يمتلكها شخص يهودي يدعى “إسماعيلوف مارك شلومو سيمخة” كذلك نظمت الجمعية زيارة للقرية لوزير الخارجية الإسرائيلي الأسبق “أفيجدور ليبرمان” إعتبرها الاهالي استفزازية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى