أخبار رئيسيةشؤون إسرائيلية

إخفاق إسرائيلي مدوٍ: مستوى تعليمي في حضيض الدول المتطورة

تتفاخر إسرائيل بأنها دولة متطورة، وحتى أن قادتها يصفونها بأنها “أمة ستارت-أب” بسبب تطور صناعة الهايتك فيها. لكن الخبير الاقتصادي والمحاضر في جامعة تل أبيب ورئيس معهد “شورِش” للاقتصاد الاجتماعي، البروفيسور دان بن دافيد، يرى أن حال جهاز التعليم في إسرائيل لا يبشر بأن إسرائيل تلحق بركب التطور، بل أن هذا الجهاز “يشكل خطرا على مستقبل إسرائيل”.

وأكد بن دافيد، في مقال مطول في صحيفة “هآرتس” اليوم، الجمعة، أن “نصف التلاميذ في إسرائيل يتلقون تعليما بمستوى عالم ثالث، وعندما يكبرون سيكون بإمكانهم صيانة نظام اقتصادي بمستوى عالم ثالث فقط”. ويستدرك الباحث أنه على الرغم من أنه توجد في إسرائيل حاليا صناعة هايتك متقدمة وجامعات متطورة، ونسبة حاملي الألقاب الأكاديمية في سن 35 – 54 عاما مرتفعة وفي المكان الرابع عالميا، وعدد سنوات التعليم للفرد في المكان الثالث على مستوى العالم، إلا أن هذا لا يدل على مستوى ثقافي ومعرفي مرتفع.

“في الفترة التي بالإمكان الادعاء فيها أن ’الحقيقة ليست الحقيقة’، وعندما تكون الأخبار ’فيك نيوز’ ويضعون مقابل الواقع ’حقائق بديلة’، فإن الانطباع هو أنه دخلنا عصرا تحل فيه الأفكار مكان الحقائق. ونحن غارقون بكميات معلومات كثيرة، يصعب على معظم الأفراد التمييز بين المهم والتافه. وهذه أرضية خصبة للديماغوغية”.

وتوضح المعطيات الوضع الحاصل في إسرائيل. ورغم أن “الإسرائيليين مثقفون أكثر، على الورق، من مواطني جميع دول منظمة OECD تقريبا، لكن إنتاجية العمل، التي تُملي القدرة على دفع أجر ساعة عمل مرتفع، هي أقل من معظم دول المنظمة. كما أن إنتاجية العمل الإسرائيلية تتراجع عن المعدل في دول G7، منذ سنوات السبعين، واتسعت الفجوة بينها وبيننا بأكثر من ثلاثة أضعاف”.

وفي مقابل سهولة قياس “كمية التعليم”، أي عدد سنوات التعليم والألقاب الجامعية وما شابه، فإن إسرائيل فشلت فشلا ذريعا بكل ما يتعلق بقياس وتقييم نوعية التعليم التي تمنحه للتلاميذ، وفقا لبن دافيد. وفيما يتقدم جيل بعد جيل لامتحانات البجروت (إنهاء المرحلة الثانوية)، فإن جهاز التعليم الإسرائيلي لم يضع معايير للامتحانات حتى اليوم، وذلك كي يكون بالإمكان معرفة مستوى المعرفة لدى التلاميذ، وما إذا كان قد ارتفع أو انخفض على مدار العقود.

تحصيل التلاميذ العرب في إسرائيل: صورة محزنة

ولفت بن دافيد إلى أن الامتحان القطري الوحيد الذي بمقدوره إجراء مقارنة كهذه بين فترات زمنية مختلفة في إسرائيل هو امتحان “ميتساف” (مؤشرات النجاعة والنمو المدرسي)، المعمول به منذ العام 2008. وبصورة عامة، إنجازات التلاميذ اليوم أعلى مما كانت عليه قبل عشر سنوات. لكن نسبة الإجابات الصحيحة في موضوع اللغة الانجليزية في هذا الامتحان هي 68%، بينما هذه النسبة تنخفض في موضوع الرياضيات إلى 56% وفي موضوع العلوم والتكنولوجيا إلى 50%، أي “علامة رسوب للدولة كلها”، وفقا لبن دافيد، “وهذه إحدى الإخفاقات المدوية لإسرائيل، وذلك من دون أخذ التأثير السلبي بالحسبان والذي كان سيخفّض المعدل القطري أكثر، لو شارك في الامتحان التلاميذ الحريديون الذين لا يتعلمون الانجليزية والعلوم والتكنولوجيا أبدا”.

واحتلت إسرائيل مرتبة متدنية، وأدنى من جميع الدول المتطورة في أوروبا الغربية وأميركا الشمالية وشرق آسيا، في امتحان “بيزا” (البرنامج الدولي لتقييم الطلبة) الأخير، والذي جرى في إسرائيل من دون مشاركة تلاميذ حريديين أيضا.

وأشار بن دافيد إلى أن صورة هذا الوضع بين التلاميذ العرب في إسرائيل محزنة أكثر. إذ يتبين أن تحصيلهم في مواضيع الرياضيات والعلوم والقراءة ليس فقط أدنى من المعدل في جميع الدول المتطورة، وإنما هو أدنى أيضا من المعدلات في العديد من دول العالم الثالث، كما أنه أدنى من المعدلات في غالبية الدول الإسلامية والعربية التي شاركت في امتحان “بيزا”.

أسباب تدني التحصيل العلمي

السبب الأساسي الذي يؤثر على تحصيل التلاميذ هو مستوى ثقافة الأهل، وخاصة الأم. وبيّن الدكتور نوعام غروبر، في بحث صدر عن معهد “شورش”، مدى قوة العلاقة بين المستوى الثقافي للأم وتحصيل ابنها التلميذ. فقد حصل تلاميذ من الدول العشر التي حصلت على أعلى علامات في امتحان “بيزا”، وكانت أمهاتهم غير متعلمات، على 6 نقاط أقل من التلاميذ الذين أنهت أمهاتهم المرحلة الدراسية الثانوية. وفي المقابل، حصل التلاميذ من هذه الدول نفسها والذين تحمل أمهاتهم لقبا جامعيا على 6 نقاط أكثر من التلاميذ الذين أنهت أمهاتهم المدرسة الثانوية فقط.

وكتب بن دافيد أن العلاقة بين تحصيل التلاميذ ومستوى تعليم الأم قوية جدا، “ما يدل إلى مدى فشل جهاز التعليم الإسرائيلي في تقليص الفجوات التي يحضرها التلاميذ معهم من بيوتهم. وليس صدفة أن الفجوات في التحصيل في المواضيع الدراسية الأساسية بين التلاميذ الإسرائيليين هي الأعلى في العالم الصناعي في أي امتحان دولي منذ سنوات التسعين”.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى