أخبار عاجلةمقالات

نقول لمن يوازن بين سديروت وغزة وبين إسرائيل وحماس: ارحموا الشهداء واصمتوا

النائبة حنين زعبي

إنّ وقفاتنا مع شعبنا وانضمامنا لنضال شعبنا الخارق في غزّة، حتى وإن كان متعثرا في بداياته، هو صرخة أخلاق وحق في وجه الجرائم، هو وقفة حفاظ على كياننا الوطني كشعب والسياسي كمن لا يتنازل عن حياته بشروطها الإنسانيّة، وعن حرّيّته وعن سيادته.

وظيفتنا الخاصة بِنَا هنا في الدّاخل هي أن نطالب من موقعنا كهيئات سياسيّة وكأعضاء برلمان بمحاكمة مجرمي الحرب، أن لا نتوقف عن الحراك الشّعبي، أن نشارك في الإضراب وفي المظاهرات، أن نخرج من صمتنا ومن عجزنا، أن نكشف طبيعة المجتمع الإسرائيلي وطبيعة دوره، وهو غارق بروتينية يومه واحتفالاته ورقصه في القدس وتل أبيب.

كلاّ، نحن لا نرضى بشعار ” في غزة وسديروت يريدون العيش بسلام”، أهالي أطفال سديروت يشاركون في الجيش وفِي خدمة الاحتياط وفِي الخدمات النظامية وربما قتل بعضهم أهلنا في غزة اليوم أو أمس أو أول أمس.

كلاّ، النضال للعدالة لا يكون بالتّغطية على المشاركين في آلة القتل أو منطق القتل.

كلاّ، من يريد العيش بسلام عليه ان بعمل ما بوسعه أن يحيى الآخر بسلام، وليس أن يرضى بقواعد اللعبة وبالمشاركة في كل ممارسات الدولة بجيشها وإعلامها وأحزابها العنصرية كافة، ثم يخرج بالتظاهر في شوارع تل أبيب.

الاحتجاج يكون بالاحتجاج على القتل والقاتل، بعناوين تؤكّد على الجرائم الإسرائيليّة، بعناوين تؤكّد أنّ إسرائيل تُمارس الإرهاب المنظِّم، وهو أخطر من خصخصة الإرهاب، وبمطالبات محاكمة دوليّة مستقلة حول جرائم قتل الأطفال. الاحتجاج يكون بعدم الصمت 11 سنة على الحصار، وبعدم الصمت من الآن فصاعداً.

لقد قسم المجتمع الإسرائيلي نفسه بغالبيته الساحقة، بين من يُطلق النار، ومن يحتفل ويرقص على خلفية الدماء، وأولئك الصامتون برضى مع ما يجري، وأولئك الَّذِين يتظاهرون تحت شعارات الموازنة بين الضحيّة والمجرم.

لقد بنت إسرائيل ادعائها على أسطورة أنها تقتل بهدف ألا يعبر الفلسطينيون “الحدود”. أوّلاً أي حدود يقصدون؟ “خارج الحدود” بالنسبة للاجئين هو داخل الحدود، هو داخل الداخل، حيث بيتهم وأرضهم وعائلاتهم. ثم أنّ هدف إطلاق الرّصاص بهدف القتل، كما صرّح ليبرمان هو ليس تخطي الحدود الجغرافية، بل تخطي الحدود السّياسيّة، وهي نجاح المسيرة في كسر حالة الوهن والضعف الفلسطيني العام، ونجاح عودة الإرادة إلى نقل المسيرة لحالة من حراك ونضال شعبي عام.

علينا أن نُفهِم إسرائيل أنّ الإرادة الفلسطينية قد تستكين قليلاً لكنّها لن تنكسر، حتّى أمام كل الشراسة وحالة الإجرام الإسرائيلي.

الشّعب الفلسطيني يعود وينهض، بشكل بطولي من حالة الحصار وفقر الدم وفقر الدّعم. هذا النّهوض من أجله ليس فقط إجبار إسرائيل على تغيير قناعتها بأن تصفية القضية الفلسطينية وكسر معنويات الشعب الفلسطيني ممكنين، بل من شأنه أيضاً تغيير قناعة السلطة الفلسطينية مِن أنّ شعبها هو طاقتها النّضالية الحقيقية وأنها إن استثمرته فستتحول من كيان واهن وذليل ومرتهن لحالة الاحتلال، إلى قيادة وطنية حقيقية.

لنتعلّم من غزّة الْعِزَّة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى