أخبار رئيسيةالضفة وغزة

تقليص أمريكي في “كريات غات” وخطة لمصادرة أراضٍ بغزة تمهيدًا لإقامة مجمعات سكنية مؤقتة بإشراف “مجلس السلام”

كشفت صحيفة هآرتس العبرية، استنادًا إلى مصادر أميركية ودبلوماسية، أن الولايات المتحدة بدأت فعليًا بتقليص وجودها العسكري داخل مركز التنسيق المدني–العسكري المشترك في “كريات غات” جنوب إسرائيل، في خطوة تُعدّ تمهيدًا لتحويل تبعية المركز إلى “مجلس السلام” المتوقع إنشاؤه قريبًا لإدارة الملفات المدنية والأمنية المرتبطة بقطاع غزة.

وبحسب مصادر أميركية رسمية، فقد غادر قسم من نحو 200 جندي أميركي كانوا يشرفون على إدارة المركز خلال الأيام الأخيرة، في إطار عملية انتقال تدريجي نحو هيكلية جديدة، سيترأسها الرئيس الأميركي دونالد ترامب، وجرى تعزيزها بقرار صادر عن مجلس الأمن الدولي قبل أيام.

ووفق ما نقلته الصحيفة، يهدف “مجلس السلام” إلى تنسيق إدخال المساعدات الإنسانية وزيادة حجمها، ودعم اللجنة التكنوقراطية الفلسطينية التي ستتولى تقديم الخدمات المدنية اليومية في قطاع غزة، بالتوازي مع تطبيق السلطة الفلسطينية لبرنامج إصلاحات خاص بها.

مشاريع سكنية مؤقتة ومصادرة أراضٍ

وقالت مصادر دبلوماسية إن واشنطن تدفع نحو تنفيذ خطة لبناء مجمعات سكنية بديلة مؤقتة في مناطق تقع شرق “الخط الأصفر” داخل قطاع غزة وتحظى بأولوية عالية لدى الإدارة الأميركية، مشيرة إلى أن التخطيط المتعلق بإزالة الأنقاض يسير بوتيرة متسارعة استعدادًا لبدء تنفيذ هذه المشاريع.

وكشف أحد الدبلوماسيين أن الولايات المتحدة تدرس مصادرة أراضٍ مملوكة لفلسطينيين مقابل تعويض مالي، لتوفير المساحات اللازمة لإقامة المجمعات. وأضاف أن أهداف واشنطن تشمل فتح مزيد من المعابر لإدخال المساعدات، بالإضافة إلى بناء هذه التجمعات التي “قد تشكل مصلحة إسرائيلية” لأنها قد تؤدي إلى تقسيم القطاع فعليًا إلى قسمين.

وتشارك في مركز التنسيق أكثر من 20 دولة، من بينها دول عربية مثل مصر والإمارات، وقد طرح ممثلوها أسئلة قانونية وأخلاقية حول مصير أصحاب الأراضي، ومعايير اختيار السكان الذين سينقلون إلى الأحياء الجديدة، ومدى حرية التنقّل منها وإليها.

وبحسب مصادر متعددة، فإن القرارات الجوهرية المتعلقة بإقامة هذه الأحياء لا تُتخذ داخل مركز التنسيق، الذي يقتصر دوره على توفير حلول تقنية وهندسية، بل تُحسم في البيت الأبيض بالتشاور مع المستويات السياسية في إسرائيل.

توترات بين تل أبيب وواشنطن حول المساعدات

وأشارت هآرتس إلى وجود توترات داخل مركز التنسيق بين الجانبين الإسرائيلي والأميركي بشأن إدخال المساعدات الإنسانية، خصوصًا حول أنواع البضائع المسموح بدخولها. ومع ذلك، قال دبلوماسي مطلع إن الطرفين يتوصلان عادة إلى تسويات حول عدد الشاحنات ومعايير فحصها.

وبحسب مصدر أميركي، فإن الاتفاق ينص على إدخال 600 شاحنة مساعدات يوميًا، فيما ارتفع العدد مؤخرًا إلى نحو 800 شاحنة في المتوسط، نتيجة تعاون المركز. ومع ذلك، تُظهر بيانات الأمم المتحدة أن نسبة صغيرة فقط من هذه الشاحنات تابعة للمنظومة الإنسانية الدولية، حيث دخلت 4335 شاحنة فقط منذ بدء وقف إطلاق النار، وهو ما يعادل أسبوعًا واحدًا من الاحتياجات. أما معظم السلع فتدخل عبر القطاع الخاص أو كتبرعات خارج إطار آليات الأمم المتحدة.

وأفاد مصدر أممي أن معظم البضائع التجارية الداخلة تقتصر على “وجبات سريعة وشوكولاتة وسكاكر”، بينما تبقى المواد الأساسية مثل اللحوم والحليب والخضراوات شبه معدومة في أسواق غزة، ما يدفع السكان للاعتماد على الكربوهيدرات.

دمج الأميركيين في آليات التنسيق

وبحسب منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية، فقد بدأت بالفعل إجراءات دمج الأميركيين في منظومة التنسيق الخاصة بإدخال المساعدات، بما يشمل نقل غرفة العمليات المشتركة من مكتب تنسيق غزة إلى مركز كريات غات. وأكد أن ذلك لا يشكل نقلًا للصلاحيات أو تخليًا عنها، وإنما تعاونًا مباشرًا لضمان “ضخ أكبر كمية ممكنة من المساعدات”.

وأشار إلى أن فحص الشاحنات سيبقى بيد الجهات الأمنية الإسرائيلية، وأن واشنطن وتل أبيب تعملان على الحدّ من “تدخل حماس” في المساعدات.

وتأتي هذه التطورات في ظل مشهد معقد يتقاطع فيه العمل الإغاثي مع المشاريع السياسية وإعادة الإعمار، وسط حديث متزايد عن إعادة رسم شكل إدارة القطاع خلال المرحلة المقبلة تحت إشراف مباشر من الولايات المتحدة وحلفائها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى