أخبار رئيسيةعرب ودولي

“لكسبرس”: هكذا يزدري قيس سعيد الديمقراطية في تونس

لا تزال الاعتقالات الأخيرة في تونس، ضد نشطاء المجتمع المدني، والمعارضين السياسيين، تثير حفيظة الكثيرين في بلد كان ينظر إليه على أنه انتقل نحو “الديمقراطية”.

ونشر موقع “لكسبرس” الفرنسي حوارًا جمعه مع أستاذ العلوم السياسية الفرنسي والباحث المتخصص في العالم العربي، فنسنت جيسر تحدث فيه عن ممارسة الرئيس التونسي حكمًا استبداديًّا أخطر من حكم الدكتاتور بن علي.

وقال الموقع، في تقريره، إن سنية الدهماني، المحامية والكاتبة اعتقلت في 11 مايو/أيار في مقر نقابة المحامين في تونس بتهمة تشويه سمعة سياسة قيس سعيد المناهضة للمهاجرين بعد انتقادها الرئيس التونسي.

وتفسيرًا لاعتقالات نهاية الأسبوع الماضي، يقول جيسر إنه ينبغي النظر إلى الملف الشخصي للشخصيات المعتقلة. لقد انتقلنا من القمع “الكلاسيكي”، الذي يستهدف المعارضين المعلنين، إلى الاعتقالات الشاملة للأشخاص المستهدفين بسبب صفتهم؛ الصحفيون والمحامون والنساء والشخصيات المنفتحة على العالم، الذين يرمزون إلى حرية التعبير.

وحسب جيسر؛ يجسد قيس سعيد الحكم الاستبدادي مثل مشروعه. وبالتالي، فإن الشخصيات التي ترمز إلى الانفتاح الدولي، والمجتمع الذي تسود داخله حرية التعبير مهددة بالقمع.

لم يكن زين العابدين بن علي ضعيفًا، فقد أمضى حياته المهنية بأكملها في وزارة الداخلية، في جهاز المخابرات، ولكن قمعه كان يستهدف بشكل رئيسي خصومه.

ويضيف جيسر بأن سعيد يعتبر محافظًا للغاية من حيث القيم، فهو قومي عربي يتحدث العربية الأدبية الكرتونية في بلد كان رؤساء الدول يخلطون فيه دائما اللهجة التونسية العربية والأدبية العربية والفرنسية. يتبنى سعيد مشروعًا ثقافيًّا وأيديولوجيًّا لتونس، فهو يكره الديمقراطية البرلمانية ولا يخفي ذلك، معتبرًا هذا النظام السياسي لم يصنع للتونسيين.

وذكر جيسر أنه عند انتخاب سعيد سنة 2019، كان مجرد أستاذ قانون يُعرف بكونه شخصً بسيطًا وعاديًّا وقريبًا من الناس ويتحدث مع الشباب في المقاهي. لكن تدريجيًا، أدركنا أن لديه رؤية شخصية استبدادية للغاية للسلطة، مقرونة بنزعة محافظة قوية. وعند تجميد عمل البرلمان ومنح نفسه صلاحيات كاملة في تموز/يوليو 2021، حصل في البداية على دعم كبير، سواء من الأشخاص الذين يرون في الدفاع عن الهوية التونسية ضرورة، وأن الديمقراطية مفهوم مستورد من الغرب، أو من الأشخاص الذين اعتبروه الرجل الذي سيعيد النظام في خضم الأزمة الاقتصادية ووباء كوفيد 19. وقد وضع جميع الفاعلين السياسيين تحت المراقبة بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية أو الدينية أو الفلسفية وتفكيك كافة مجالات الحرية مثل الجمعيات والمنظمات غير الحكومية والدوائر الفكرية.

ووفق جيسر؛ فإن قيس سعيد، وهو دستوري محترف يعرف المؤسسات تمامًا لكنه يكن ازدراءً عميقًا للديمقراطية، وحقق مشروعه في النهاية.

بخصوص ما إذا كانت هذه الممارسات شائعة، يقول جيسر إن قيس سعيد يعتمد أكثر فأكثر على الشعب لمهاجمة أعدائه. ففي وقت بن علي كان القمع اختصاص الجهاز الأمني وضباط الشرطة. ولكن هنا، دخل منطق الميليشيات حيث يهاجم التونسيون العاديون “الأعداء” بحسب الرئيس مثل مطاردة مهاجري إفريقيا جنوب الصحراء.

وردًّا على سؤال، من يستطيع إيقاف هذا الانجراف نحو الديكتاتورية الشاملة، قال جيسر إن بعد انقلاب تموز/ يوليو 2021، اعتقد العديد من المراقبين أنه في حالة تحول قيس سعيد إلى ديكتاتور، فإن الشعب سوف ينتفض وهو ما لم يحدث. هناك حالة رضوخ قوية للسكان، بما في ذلك بين الشباب، ومرارة كبيرة تجاه “سنوات الديمقراطية” في مرحلة ما بعد الثورة، حتى أن البعض يتحدث عن العشرية السوداء.

في الوقت الراهن، جُمد النشاط السياسي، ومع ذلك، فإن تدهور الوضع الاقتصادي لا يزال نقطة ضعف قيس سعيد؛ حيث إن مسألة العدالة الاجتماعية والفشل الكبير للديمقراطية التونسية، قد يضعف نفوذه في المستقبل. وعليه، فإن الأطفال أو الإخوة الصغار لأولئك الذين قاموا بالثورة في 2010 و2011، والأكثر تأييدًا لقيس سعيد، يمكن أن ينقلبوا عليه للأسباب نفسها التي أزاحت بن علي.

وفي ختام التقرير يقول جيسر إن تونس قد تشهد انقلابًا عسكريًّا، بحيث يمكن للجيش التونسي، بدعم من جهات مؤثرة لا سيما الجزائر الاحتجاج في حال أصبح قيس سعيد عاملًا من عوامل الفوضى. في حال تحقق هذا السيناريو، لن يكون الأمر انقلابًا لاستعادة الديمقراطية.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى