أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةالضفة وغزة

خطاب عباس “الناري” وارتباط السلطة “العضوي” بالاحتلال

طه اغبارية
كيف يمكن أن ترتبط بالاحتلال الاسرائيلي بشكل عضوي بالغ “الالتصاق” والتداخل، ثم تطلق توصيات ضد الاحتلال، غير قابلة للترجمة على أرض الواقع بسبب التصاقك وارتهانك لهذا الاحتلال!!.
هذا الاعتقاد والاستنتاج، لم يصدر عن فلسطيني “مقاوم” ولا فلسطيني ثوري، بل وصلت إليه الكاتبة والصحفية الاسرائيلية، عميرة هاس، ولعلها تريد أن توصل رسالة للمعنيين في الجانب الإسرائيلي مفادها “مهما سمعتم من خطابات نارية لرئيس السلطة الفلسطينية فهي تبقى شيكا بدون رصيد” أو لعلها تريد ان تقول للفلسطينيين “لا تصدقوا خطابات محمود عباس لأن ارتباطاته بالإسرائيليين غير قابلة للتفكك”.
وتناولت هاس توصية المجلس المركزي الفلسطيني- في جلسته الأخيرة- إلى اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير الفلسطينية “تعليق الاعتراف بإسرائيل”، مؤكد استحالة مصادقة اللجنة التنفيذية، الخاضعة بالمطلق لمحمود عباس، على هذه التوصية، بسبب ارتباط كامل المنظومة الفلسطينية والسلطة بالجانب الاسرائيلي وخضوعها له وتنفيذها للالتزامات وفق الرؤية الإسرائيلية.
وتقول الكاتبة في مقال تحليلي بصحيفة “هآرتس”: “(ج) تقدم لفتح حساب في بنك برام الله، وهو من سكان القدس، ويعيش في إحدى ضواحيها الواقعة خلف الجدار، ويعتبر الوصول عليه لدوار “المنارة” في رام الله” أسهل من الوصول إلى شارع صلاح الدين في القدس. (ج) لم يجدد هويته (التي تصدرها إسرائيل)، لأنه لم يقدّم أوراقا تثبت التزامه في السنوات الأخيرة بدفع الضرائب لبلدية القدس كدليل أن مركز حياته في حدود القدس. وعندما يحاول تجديد هويته يكون معرضا لإلغاء مكانته السكانية من قبل الدولة، وحينها يصبح معلقا بدون تصنيف سكاني. لكنهم في بنك رام الله رفضوا أن يفتحوا حسابا باسمه!!. “اذهب وجدّد هويتك الاسرائيلية” هكذا أجابوه في رام الله. ومهما كانت الظروف المحيطة بالمواطن “ج” في بنك رام الله يلتزمون بتعليمات وزارة الداخلية الإسرائيلية بعدم الاعتراف بالهوية القديمة (التي لم تجدد) للفلسطينيين من سكان القدس. ومع ذلك تلتزم وسائل الاعلام الفلسطينية في الضفة بوصف بلدية القدس بأنها “بلدية الاحتلال” لكنهم فعليا يواظبون على الطاعة والالتزام بإملاءاتها!!”.
وتتطرق الكاتبة لتوصية المجلس المركزي الفلسطيني الأخيرة إلى اللجنة التنفيذية في منظمة التحرير، وهي “تعليق الاعتراف بإسرائيل” وتقول “لكن التعليق فعليا غير قابل للتنفيذ ولا يبدو في الأفق. محمود عباس يسيطر على اللجنة التنفيذية، وهو فقط يقرر متى وكيف يتصرف بحسب التوصية. ولكن حتى لو علق الاعتراف بإسرائيل، هل يوجد لها رصيد في الواقع!!؟ فمثلا، هل ستأمر السلطة الفلسطينية بنوكها بتجاهل القواعد الإسرائيلية التي تلتزم بها وتفتح حسابا للموطن (ج) ولغيره من المقدسيين، الذين يعانون من نفس المشكلة!! هذا ليس سؤال هامشيا وسطحيا. هناك مسافة هائلة بين اللحظات واللقطات السياسية التي تحظى بالعناوين، مثل خطاب عباس، أو قرارات وتوصيات المجلس المركزي الفلسطيني، وبين واقع الناس وحياتهم. هذه المسافة الهائلة تحكمها منظومة وجدت منذ 24 عاما بعد التوقيع على “اتفاق اوسلو”، بحيث تعمل السلطة الفلسطينية في حالات كثيرة كمقاول فرعي لإسرائيل. وتقوم بذلك أحيانا بدون مفر وأحيانا أخرى تقوم بذلك عبر تبني المنطق الإسرائيلي. الامتحان الحقيقي لنوايا التصريحات الرسمية يكون من خلال تغيير منظومة الحكم والإدارة الفلسطينية وأسباب وجودها. فهل هذا ممكن؟!!”.
وتضرب هاس، أمثلة أخرى تبين العلاقة المتداخلة بين منظومة السلطة الفلسطينية والاحتلال الاسرائيلي، منها “تمنع السلطات الاسرائيلية سكان الضفة الغربية من قيادة سيارات تحمل لوحات صفراء إسرائيلية. وعليه تلزم السلطة الفلسطينية كل من مواطن في الضفة متزوج من الداخل الفلسطيني باستصدار مصادقة خاصة من وزارة المواصلات الفلسطينية إذا كان يريد قيادة سيارة بلوحة صفراء داخل مناطق (أ)، وعليه تقوم السلطة الفلسطينية بين الفينة والأخرى بحملات لضبط سيارات تحمل لوحة صفراء داخل مناطقها. ويلجأ الكثير من الفلسطينيين إلى شراء سيارات إسرائيلية بسعر رخيص مضى عليها أكثر من 10 سنوات وعلى وشك انتهاء صلاحيتها السنوية، وهذا موجود بكثرة في مناطق (ب) الخاضعة للسيطرة الأمنية الاسرائيلية!!. فهل بعد توصيات المجلس المركزي الفلسطيني الأخيرة، وتصريحات عباس النارية ترفض السلطة ملاحقة أصحاب السيارات التي تحمل لوحات صفراء في مناطقها!!”.
وتحدثت عميرة هاس عن خضوع ما يسمى الجانب الفلسطيني فيما يسمى “لجنة المياه الاسرائيلية الفلسطينية” المشتركة لكل املاءات الجانب الاسرائيلي، إلى درجة توفير احتياجات المستوطنات من المياه على حساب المشاريع المتعلقة بشبكة المياه والمجاري في البلدات الفلسطينية!!، كذلك استعرضت خضوع الموظفين الفلسطينيين فيما يسمى “الإدارة المدنية” للاحتلال لإملاءات الاحتلال الاسرائيلي وعملهم كساعي بريد فقط بين المواطن الفلسطيني وإدارة الاحتلال.
وتتساءل الكاتبة الاسرائيلية في ختام مقالها إن كان بإمكان السلطة الفلسطينية ورئيسها محمود عباس التخلي عن الإملاءات الاسرائيلية في كل ما يتعلق بمنظومة الحكم والسيطرة في السلطة الفلسطينية، في حال اراد رئيس السلطة احترام توصيات المجلس المركزي الفلسطيني!!
وشككت بقدرة عباس والسلطة على ذلك بسبب الارتباط الوثيق جدا بين السلطة والاحتلال الاسرائيلي، وهو الأمر الذي وافقت عليه منذ البداية المجموعة الفلسطينية التي وقّعت اتفاقيات أوسلو!!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى