مقالاتومضات

مشكلة السباب والشتائم لدى الأطفال

فدوى أحمد عبيد – دّاعية ومستشارة أسريّة (جمعية سند لصلاح الأسرة وبناء المجتمع)

عندي أطفال أعمارهم بين 3-5 سنوات، تعلموا السبّ وحاولنا معهما ليتركوا السب ولم نفلح! فأرجو مساعدتنا في حل مشكلتنا إذا لديكم نصائح واقتراحات؟

دائما يكون التعبير بالقدوة، هو أفضل الوسائل لتدريب الطفل ومعالجة تلفظه بكلمات نابية، ولذلك يجب أن يتجنب الكبار التلفظ بما يكرهون أن يتلفظ به الصغار، وكذلك التصرف بانفعالات وعصبية وسلبية في المواقف والتي بلا شك ستنتقل إلى الصغار الذين يفهمون أكثر بكثير مما يعتقد الأهل أنهم يفهمونه، فمثلا عند اعتراض سيارة للأب أثناء قيادته ومعه الطفل يجب انضباط الأب وعدم التلفظ بالألفاظ غير اللائقة عن السائق الآخر وأمام الابن وإلا سيكون خير مثال يحتذي به.

فإن أول ما نبدأ به في تأديب أبنائنا هو تأديب أنفسنا، وذلك لأن الحسن عندهم ما استحسناه والقبيح عندهم ما استقبحناه، فنحن قدوتهم، وإذا لم يسمع الطفل إلا الذكر والخير فإنه سوف يتكلم بالحكمة، والله تبارك وتعالى أخرجهم من بطون أمهاتهم لا يعلمون شيئاً قال تعالى: (وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئًا وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَالأَفْئِدَةَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) النحل:78، وأول حاسة تعمل هي حاسة السمع، ومن هنا كان حرص الشريعة على المسارعة بطرح كلمات الأذان في أذن الوليد وذلك لطرد الشيطان وإعلان الانتصار على هذا العدو، ولتكون كلمات التوحيد هي أول ما تطرق سمعه، والفلاح أن يعيش عليها ويموت وهو يرددها.

وبعد فترة تبدأ حاسة الإبصار في العمل، وهنا لابد من إبعاد كل شاذ ومخيف عن بصر الطفل، فإذا سمع الخير وشاهد الخير تكلم به، وإن سمع السباب والشتم والشر تكلم به، وقد يرسخ هذه السلبيات وجود من يضحك ويفرح، لذلك كما هو حال كثير من الناس الذين ربما فرحوا لأنه تكلم ولم يهتموا بنوع الكلام الذي يردده، والأمر خطير لأن الإنسان قد يتكلم بالكلمة من سخط الله لا يلقي لها بالاً يهوي بها في النار، ومن عدّ كلامه من عمله قلّ كلامه إلا فيما يعنيه.

وإذا حافظ أهل البيت على ألفاظهم والتزموا بآداب الإسلام، فإن الأطفال يتأثرون بهم، وينبغي كذلك أن ننتبه لمن يختلط بهم من الأطفال ونتأكد من جمال ألفاظهم وحسنها، فإذا جاءت مرحلة الروضة والمدرسة فلا بد من زيادة الاهتمام والمتابعة وذلك لإخراج الألفاظ الدخيلة، فالمدارس خليط من الأطفال وفيهم سيء الخلق، ولا بد أن نخرج الألفاظ القبيحة ونبقي على الألفاظ الجميلة والتصرفات الحسنة، وهذا لا يتحقق إلا بمراقبة سلوك الأطفال عقب عودتهم والأم الناجحة تنظر في وجوه أبنائها وفي جيوبهم وتنتبه لألفاظهم.

الأسباب التي تؤدي إلى استخدام الأطفال أسلوب السب والشتم والتلفظ بكلمات نابية:

– هناك عدة حالات ومسببات تدفع الطفل إلى تعلم السب والشتم والتعود عليه، ومنها، أنه عند بداية انتقالهم لمرحلة اللعب مع الأطفال الآخرين يتولد لديهم إحساس بالصراع والنزاع فيتسبب ذلك في توليد الرغبة لاستخدام كلمات عدائية مع الأطفال تظهر عدم رضاهم ومنازعتهم على الأشياء فيستخدمون غالبا الكلمات التي يسمعونها من والديهم عند الغضب.

ومن الأسباب أيضا تعبير من الأطفال عن الغضب الشديد تجاه فكرة أو تعامل معين. تعبير منهم عن الضيق الذي يصيبهم. قد يستخدمه الأطفال تعبيرا عن المرح وفي محاولة منهم لجذب انتباه الآخرين إليهم. يشعر بعض الأطفال بأن السب والشتم نغمة جميلة، فيستمتعون بترديد هذه الكلمات.

– القدوة السيئة: فالولد حينما يسمع من أبويه كلمات الفحش والسباب، لا شك سيحاكي كلماتهم. هناك آباء يطلبون من أبنائهم على سبيل الضحك ويقولون لهم (اشتم عمّك أو سبّ خالك) فإن فعل ضحكوا مظهرين التعجب من نطقه أو إن هذا دليل على ذكاء الطفل أو خفة دمه، ولذا يجب تلقين الأبناء حسن الخطاب وجمال التعبير وتلقينهم الأحاديث النبوية التي تنهى عن السباب كقوله صلى الله عليه وسلم: (سباب المسلم فسوق وقتاله كفر) متفق عليه، وغيره.

– الخلطة الفاسدة: الشارع الفاسد وقرناء السوء يلتقط منهم الألفاظ القبيحة ويرددها حتى يتعود عليها حتى أنه يسب وهو شبه مغيّب لا يشعر من كثرة استخدامه لهذه الألفاظ، فلا بد أن نجنبهم الشارع والرفقاء الذين ليسوا من بيئتهم الملتزمة كما يجب أن يبصر الولد عاقبة اللسان القبيح من تحطيم لشخصيته وسقوط مهابته وإثارة بغض الناس له.

– وسائل الإعلام الهابطة: وما أدراكم ما وسائل الإعلام، فقد أصبحت أكثر الأشياء تأثيرا على الأطفال بل وفي بعض البيوت أصبحت هي المربي، فإن ما تنشره من فكر منحرف وأساليب هابطة وإعلانات ساقطة وإيحاءات تدعو الى الفحش يدمر بيوتنا تدميرا.

بعض النصائح التي تعين الأطفال على ترك السباب والشتم:

– يجب ربط الأطفال منذ نعومة أظفارهم بالله سبحانه وتعالى سواء عند الثواب أو العقاب وعلى أي خطأ يرتكبونه منذ سن الثانية، ربط الأمر بمحبة الله ومحبة النبي صلى الله عليه وسلم وتخويفهم من عقوبة الله لمن يسب ويشتم ويلعن.

– ويجب أن يطلب من الطفل إذا سبّ أو شتم أن يستغفر الله ويتأسف لمن شتمه، وإن لم يستجب للنصيحة لا بأس من التدرج معه ومحاورته، وأحيانا يتطلب الأمر التغاضي وعدم المبالاة بما نطق إذا كان اللفظ عارضا حتى لا نستثير انتباهه فيكرره عنادا وغضبا.

– قد تضيفين لطفل السابعة بأن تقولي له: “أنا أعرف بأنك فتى طيب ومؤدب- ولكن الشيطان يوسوس لك أن تقول هذا، لأن الله لا يرضى منك هذا القول- فإذا وسوس لك أو قال في نفسك أشتم أو سب أو أفعل كذا وكذا، قل: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم- أنا ولد مسلم لا اتبع الشيطان وهدفي أن يحبني الله عز وجل ويدخلني الجنة.

– لا تبدي انزعاجا ملحوظا عند سماعك لكلمة الشتم عند الوهلة الأولى وكذلك لا تبدي ارتياحا ورضا بالتبسم والضحك مما يولد تشجيعا له على تكرارها. عند سماعك كلمات سيئة منه حاولي أن تشرحي له أن هذه الكلمات تؤلم مشاعر الآخرين كما يؤلمهم الضرب حاولي أن تدربيه على كيفية التعبير عن عدم الرضا عن الآخرين.

– لا تحبطي إذا تكرر سماعك لما تكرهين لأن الطفل لن ينسى أو يتغير بين يوم وليلة، اللجوء إلى الدعاء- دعاء الوالدين فعليكم باللجوء إلى من يجيب من دعاه.

– تنقية الألفاظ من قبل الكبار وتعويد النفس القول الحسن حتى عند الغضب كأن نقول: (الله يهديكم)، (الله يصلحكم).

– العدل بين الأطفال.

– الفهم الدقيق لطبيعة المرحلة العمرية- فهي مرحلة لا تخلو من روح العناد.

– الإشباع العاطفي حتى لا يحتاج الطفل إلى شيء يلفت به الأنظار والاهتمام.

– إشعارهم بأن حبكم يزداد لمن يتكلم بالكلام الطيب.

– الثناء على الأطفال وعلى الجميل من ألفاظهم أمام الأهل والجيران.

– تعليمهم الأذكار والكلمات الطيبة وتحفيز المحاسن. مراقبة البرامج التي يشاهدونها، والرفقة التي يجالسونها. الارتباط بأسر طيبة مع ضرورة الاتفاق على أسس صحيحة مع تلك الأسر.

– عدم إعطاء الموضوع أكبر من حجمه، وعدم إعلان العجز عن العلاج فإن ذلك يدفع الطفل للمزيد.

– وأخيرا أقول لكم، إن من الأفضل تعويد الأطفال على استخدام اللغة العربية الراقية وأن تدخل على الأقل في بعض كلامهم تدريجيا، عسى أن يعيدها الله لتكون لغتنا الأصلية على يد هذا الجيل القادم حيث افتقدناها نحن وكثير منّا لا يجيدها أصلا. أعاننا الله وإياكم على تنشئة جيل صالح.

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى