أخبار رئيسيةأخبار عاجلةأخبار وتقاريرمحليات

التحرش.. حرمة الأطفال وغفلة أولياء الأمر!

منار سواعد- جمعية سند لصلاح الأسرة وبناء المجتمع

التحرش مرض أو آفة انتشرت في ظل وضع مجتمعي ممزق، عدالة اجتماعية زائفة، وسلطة القوي على الضعيف. تحرر أو هي دعوى للانحلال، رغبات مكبوتة، ونفوس ملوثة بأمراض نفسية، انتشرت الفواحش فبدت الساحة متاحة لأصحاب القلوب الضعيفة ببث سمومهم وتحرشهم بالأطفال من الذكور والإناث، ولكن أين؟ في كل مكان! في الأماكن الآمنة لأولادنا، مدارس، بيئات تعليمية، بيوت، ومن ذوي المحارم، عنف جنسي وغياب للحرمة في بيوت ضاعت فيها حرمه الله.

تحدثت المنظمات عن التحرش وسنّت القوانين الدولية لمنعه، ولكن هل نجحت تلك القوانين في منعه أم أن المشكلة مرتبطة بعوامل أعمق من ذلك بكثير وخاصة في الآونة الأخيرة وفي مجتمعنا في الداخل تحديدا؟

التحرش وبحسب منظمة الصحة العالمية يعرف بأنه سلوك جنسي غير مرغوب فيه يجعل الشخص المتحرَّش به يشعر بالإهانة أو التهديد أو الإذلال، وهو قد يكون واضحا أو غير مباشر، جسديا أو لفظيا، كما قد يشمل الأشخاص من نفس الجنس وليس شرطا أن يكون ضد شخص من الجنس الآخر.

ويظهر في عدة صور: التحديق، التعامل الودي غير المنطقي أو المرغوب، مثل تعمد الاحتكاك بالشخص أو احتضانه. استعمال تعليقات ذات إيحاءات جنسية. سرد النكات الجنسية أو ذات الإيحاءات الجنسية. استعمال شتائم أو ألفاظ جنسية أو موحية. سؤال الضحية أسئلة خاصة، مثل سؤالها عن ارتباطاتها أو سلوكها الجنسي. عرض مواد جنسية أمام الضحية، مثل أن يقوم موظف في مكان العمل بوضع ملصقات إباحية على مكتبه بحيث تكون مرئية من قبل الضحية المتحرش بها، أو وضع حافظة شاشة تتضمن مشاهد جنسية أو موحية. طلب ممارسة الجنس بشكل صريح أو غير مباشر. ممارسة الاعتداء الجسدي المباشر، مثل لمس المتحرش بها أو محاولة تقبيلها أو كشف ما تستره من جسمها. وهنا ينتقل التحرش ليصل إلى مرحلة الاعتداء الجنسي.

طرحنا بعض الأسئلة على المستشارة التربوية حليمة تايه، وأفادتنا بالإجابة على بعض الأسئلة.

 

كيف يمكننا التمييز بأن هذا الطفل يتعرض للتحرش؟

تايه: هناك ظواهر اجتماعية نفسية تعليمية ممكن أن تظهر على الطفل فيعطي لدينا الضوء الأحمر أن هذا الطفل ممكن أنه يتعرض لتحرش جنسي. بداية نلاحظ انخفاض مفاجئ في تحصيله التعليمي يرافقه عدم الرغبة بالمشاركة في الفعاليات المدرسية، يفضل أن يكون لوحده. بالنسبة للأطفال الصغار قد يعانون من تبول لا إرادي أيضا يبدي الكراهية لجسمه ويحاول أن يؤذي جسمه، كثير شرود الذهن، يفقد الثقة بنفسه وبالآخرين، يشعر بالخوف أحيانا، عصبي ويميل إلى العنف.

 

دور المدرسة في التقليل من ظاهرة التحرش؟

تايه: درهم وقاية خير من قنطار علاج، توعية الطلاب في جميع مراحلهم العمرية من سن الروضة للثانوي، توضيح كيفية الحفاظ على أجسامنا التي هي أمانة وعدم السماح للغرباء بلمسها، توعية الطلاب لمخاطر الإنترنت لأن الاعتداءات اليوم تتم عبر الشبكة، التستر ليس في مصلحة المعتدي ولا المعتدى عليه، لماذا؟ لأن كليهما بحاجة لعلاج وكليهما بحاجة ماسة لأن يُسمعا ويؤخذ بأيديهما، هناك عقوبات تفرض على المعتدي بحيث تقلل من حدوث هذه الحالات.

 

أسباب انتشار الظاهرة؟

تايه: كثرة التعرض للمثيرات الجنسية سواء عبر الشبكة أو في الواقع، غالبا ما يكون المعتدي قد تعرض للاعتداء، ضعف الوازع الديني وعدم الشعور برقابة الله عز وجل.

وفي حديث مع الأستاذة عائشة حجار، طالبة دكتوراه في الاعلام وافتنا بالشرح الآتي: “الانحراف الجنسي مرض موجود في قلوب البعض منذ الأزل والدليل قوله تعالى: (فلا تخضعن بالقول فيطمع الذي في قلبه مرض..) [الأحزاب: 32]. ونرى ظاهرة التحرش تزداد مع كل تقدم للتكنولوجيا بسبب زيادة امكانيات التواصل، وهنا لا بد من التنويه أن المتحرش لا ينتظر تحفيزا من ضحيته كلباس أو كلام أو حركة، وليس هناك من هو محصن من التعرض للتحرش وخاصة الأطفال، فيمكن أن يتعرض الصبيان للتحرش وقد تتعرض فتاة منتقبة له، خاصة أن المجتمع يلوم الضحية ويجعلها تتقوقع في مشكلتها ولا تدافع عن نفسها”.

وأضافت: “أمّا عن التكنولوجيا والاطفال فوجود الهواتف الذكية بأيديهم يجعلهم يدخلون عالما رقميا بدون حماية في معظم الأحيان. ولا بد أن يفهم الأهل أن طفلهم إذا تصفح الانترنت وخاصة الشبكات الاجتماعية فالأمر أشبه بأن يخرج وحده من المنزل بدون بالغ يرافقه، هو معرض لمرضى البدوفيليا (الانجذاب الجنسي للأطفال) والأخطر أن يكون الطفل نفسه ممن يتناقلون الصور والأفلام الاباحية ويتحرشون بغيرهم من الاطفال، فنجد أن معدل الجيل الذي يتعرض فيه أطفالنا للمضامين الاباحية هو 11 عاما فقط! والأخطر أن الأهالي يميلون للتغاضي عن قيام طفلهم بمشاهدة مضامين إباحية أو التحرش إذا كان ذكرا بسبب المجتمع الذي يرى في هذه الأفعال عنتريات ومرجلة يفخر بها الطفل والمراهق بين زملائه”.

وتقول أيضا: “أمّا عن بناتنا فليس هناك معطيات دقيقة للتحرش في ظل التستر على هذه الظاهرة ومحاولة اخفائها، لكن نكتفي بإحصائية من عام 2015 وجدت أن قرابة 100% من النساء في البلاد، عربيات ويهوديات، قد تعرضن لنوع من التحرش خلال حياتهن! من واجبنا الوقوف في وجه هذه الظاهرة عبر تربية أطفالنا قبل كل شيء، وزيادة الوعي لدى الأهل الذين نجدهم حائرين في وجه العالم الجديد الذي يعيش فيه أطفالهم. بعض الأسئلة التي تطرح في موضوع التحرش مستفزة ومدعاة للبحث، فهل اللباس يؤثر على ازدياد حالات التحرش بالنساء أم هو مرض؟؟ أحد الأبحاث نفى أن تكون ملابس المرأة هي السبب، مستشهدا بتجربة قام بها رجل تنكر مرتين: الأولى في زي امرأة محجبة، والثانية في زي امرأة غير محجبة، لاختبار ردود أفعال الرجال، ولم تختلف النتيجة في الحالتين حيث تعرض في كل منهما للتحرش بنسبة عالية”.

ما هي الأسباب لازدياد حالات التحرش بالأطفال من وجهة النظر الشرعية؟

يقول الشيخ ايهاب خليل، طالب دكتوراه في علم النفس التربوي حدثنا عن الجانب الشرعي من الموضوع: “يجب تعليم الولد وتوعيته ومصارحته منذ أن يعقل القضايا التي تتعلق بالجنس وترتبط بالغريزة وتتصل بالزواج حتى إذا شب الولد وترعرع وتفهم أمور الحياة عرف ما يحل وعرف ما يحرم، وأصبح السلوك الاسلامي المتميز خلقا له وعادة فلا يجري وراء شهوة ولا يتخبط في طريق التحلل. لذلك هناك مسؤولية عظيمة ملقاة على عاتق الوالدين والمربين وهي مسؤولية التربية الجنسية حيث: يتربى الولد على آداب الاستئذان وآداب النظر والحفاظ على جسمه وحرمة كشف عورته، تجنيبه كل الاستثارات الجنسية ورفقاء السوء وإبعاده عن البيئة السيئة. تعهده ومراقبته والتقرب منه والحوار معه والسؤال عن مشاعره وما يفرحه وما يحزنه. العمل على اعطائه الفرصة للحديث عن نفسه وعلاقاته مع الآخرين خاصة أصدقائه ورفقائه. وتربيته على الشجاعة والجرأة والدفاع عن النفس وعدم السماح لأي إنسان بالاعتداء عليه أو الاقتراب منه بسوء أو شر. على الأهل متابعة الأبناء في تصرفاتهم وحديثهم وخروجهم من البيت وفي الحي وفي النادي وفي كل أماكن تواجدهم”.

 

الشيخ ايهاب خليل
الشيخ ايهاب خليل

يضيف خليل: “يجب تعليم الولد الآيات والأحاديث التي تتحدث عن الاستئذان وغض البصر والنظر الى الحرام وحرمة كشف العورات لقوله تعالى: (وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ۚ كَذَٰلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ ۗ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ). وقوله تعالى: (قُل لِّلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ۚ ذَٰلِكَ أَزْكَىٰ لَهُمْ ۗ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ). وقول الرسول صلى الله عليه وسلم عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْريِّ- رضي الله عنه- أَنَّ رَسُولَ اللّهِ صلّى الله عليه وسلّم قَالَ: “لاَ يَنْظُرُ الرَّجُلُ إِلَى عَوْرَةِ الرَّجُلِ وَلاَ الْمَرْأَةُ إِلَى عَوْرَةِ الْمَرْأَةِ، وَلاَ يُفْضِي الرَّجُلُ إِلَى الرَّجُلِ فِي ثَوْبٍ وَاحِدٍ، وَلاَ تُفْضِي الْمَرْأَةُ إِلَى الْمَرْأَةِ فِي الثَّوْبِ الْوَاحِدِ”. رواه مسلم. علينا تعليم الولد معنى المراودة والتعدي والتي فيها إساءة للفرد ومفتاح للشر والعدوان ثم يجب أن نشدد على الرقابة الداخلية كما أسلفنا وأيضا الرقابة الخارجية كوسائل الإفساد والإثارة وتهييج الغرائز والبيئة الفاسدة”.

 

 

 

 

 

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى