أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةالضفة وغزة

هجمات المستوطنين ضد الفلسطينيين تشهد ارتفاعًا وسط تفشي “كورونا”

ما زال عيسى قطّاش، البالغ من العمر 40 عامًا، يتذكر ما حدث معه يوم 16 نيسان/أبريل الماضي، حين أصيب هو وشقيقه بجروح، بعد تعرّضهما للضرب المبرح على يد مجموعة من المستوطنين الإسرائيليين، بينما كانا في نزهة مع أسرتيهما في منطقة حُرجية خارج قرية جيبيا شمال رام الله (وسط الضفة الغربية المحتلة).

يقول عيسى: “كان أحد المستوطنين يحمل بندقية وآخر يحمل فأسًا. وتمكّن شقيقي موسى من الهرب لكي يطلب المساعدة.. وقد استلقيت على الأرض وأنا مصاب لبعض الوقت، ثم بدأ المستوطنين في جرّي إلى خارج المنطقة.. ولكن وصل الجنود الإسرائيليون بعد ذلك وأطلقوا سراحي، وتركوا المستوطنين يذهبون في حال سبيلهم”.

وتضيف والدته فاطمة قطاش التي شهدت الحادثة وتبلغ من العمر 70 عامًا: “أُصِبنا كلنا بالصدمة وانتابنا الخوف.. ولا يزال الأطفال تراودهم الكوابيس”.

وفي تقرير له وثق مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية “اوتشا” 143 هجمة عُزيت إلى المستوطنين الإسرائيليين، خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام 2020، وتسبّبت في إصابة فلسطينيين بجروح 38 حادثة أو إلحاق أضرار بممتلكاتهم 105 حوادث.

وأسفرت هذه الحوادث عن إصابة 63 فلسطينيًا، بمن فيهم 13 طفلًا، بجروح وإلحاق الأضرار بما يزيد عن 3 آلاف و700 شجرة وشتلة، ومحاصيل حقلية متنوعة، وأكثر من 100 مركبة.

بؤر عنف المستوطنين

وحسب تقرير “اوتشا” شُكِّلت البؤرة الاستيطانية التي أقيمت قبل نحو عامين كمزرعة أبقار شرق مستوطنة “حَلَميش” بالقرب من رام الله، إحدى البؤر الساخنة خلال الأشهر الخمسة الأولى من العام 2020.

فقد أفاد السكان القاطنون في ثلاث قرّى فلسطينية قريبة منها (وهي جيبيا وكوبر وأم صفا) بأن هذه المستوطنة تُعَدّ مصدرًا للترويع والعنف المنتظم، الذي شهد تزايدًا خلال العام المنصرم.

ومن ناحية الأضرار التي لحقت بالممتلكات الزراعية، سُجلت أكثر الحوادث تأثيرًا في منطقة مستوطنة غوش عتصيون، غرب بيت لحم (جنوبا) وبالقرب من بؤرة عادي عاد الاستيطانية، شمال شرق رام الله، حيث يقع ما يربو على 60 في المائة مما مجموعه 3 آلاف و700 شجرة أتلفها المستوطنون بين شهريْ كانون الثاني/يناير وأيار/مايو في هاتين المنطقتين.

كما شكلت المنطقة الاستيطانية في مدينة الخليل، حيث يكابد نحو 7 آلاف فلسطيني الأضرار بفعل القيود المفروضة على الوصول منذ أمد بعيد (والتي لا علاقة لها بالوباء)، بؤرة ساخنة إضافية، حيث وقعت فيها 18 هجمة من الهجمات التي سُجلت بين شهريْ كانون ثاني/يناير وأيار/مايو 2020.

ومثّلت هذه الحوادث استمرارًا لتزايد وتيرة عنف المستوطنين الذي ما زال يسجَّل منذ مطلع العام 2019 بعد مغادرة بعثة التواجد الدولي المؤقت لمدينة الخليل (جنوبا).

وشملت البؤر الساخنة الأخرى مستوطنة “يتسهار” والبؤر الاستيطانية المحيطة بها في نابلس (شمالا)، حيث سُجلت 22 حادثة ألحقت الأضرار بسكان خمس قرًى، ومستوطنة حومش (في نابلس أيضًا)، والتي أُخليت في العام 2005 وعاود المستوطنون السكن فيها في الأعوام الأخيرة، حيث كانت مصدرًا لسبع هجمات طالت سكان قرية بورين؛ وبؤرة حفات ماعون الاستيطانية جنوب الخليل، حيث سُجلت ست هجمات انطلقت منها وألحقت الأضرار بسكان قرية التواني.

وأكد تقرير المكتب الأممي، أن المستوطنات المُقامة في الأرض الفلسطينية المحتلة بصورة تخالف للقانون الدولي، تشكّل مصدرًا رئيسيًا لحالة الضعف التي تنتاب الفلسطينيين، حيث تحرمهم من ممتلكاتهم وسُبل عيشهم، وتفضي إلى فرض القيود على الوصول وتفرز طائفة من التهديدات التي تعتري الحماية الواجبة لهم، بما تشمله من الهجمات العنيفة، كتلك التي تتناولها هذه المقالة.

سياسة الافلات من العقاب

وأضاف أن هذه الظاهرة تتفاقم بفعل الثغرات الطويلة الأمد التي تشوب إنفاذ القانون من قبل السلطات الإسرائيلية على المستوطنين العنيفين، حيث أفرزت “مناخًا سائدًا من الإفلات من العقاب”، حسبما ورد على لسان الأمين العام للأمم المتحدة.

ووفقًا لتقرير نشرته منظمة “يش دين”، وهي منظمة إسرائيلية تُعنى بحقوق الإنسان، فمن بين 273 ملف من ملفات التحقيق التي فتحتها الشرطة ضد مستوطنين اعتدوا على فلسطينيين ورصدتها المنظمة بين العامين 2014 و2019 وبلغت مراحلها النهائية، لم يُفضِ سوى 25، أو 9 بالمائة، منها إلى ملاحقة مرتكبي أعمال العنف من المستوطنين، بينما أُغلقت الملفات الـ 248 الأخرى دون توجيه لوائح اتهام لأحد.

من جهته قال مركز المعلومات الإسرائيلي لحقوق الإنسان “بتسليم”: إنّ أعمال العنف التي يقوم بها المستوطنون ليست “استثناءات” وإنّما هي جزء من نشاط استراتيجي تسمح به الدولة وتشارك فيه وتستفيد من تبعاته.

وأضاف أن النّتيجة البعيدة المدى لهذه الأعمال هي سلب المزيد والمزيد من الأراضي من أيدي الفلسطينيّين في جميع أنحاء الضفّة الغربيّة وهو الأمر الذي يسهّل على الدولة السّيطرة على الضفّة الغربيّة ومواردها.

حتّى مطلع العام 2019، بلغ عدد المستوطنين بالضفة الغربية المحتلة بما فيها مدينة القدس نحو 670 ألف مستوطن، منهم 228 ألف و500 مستوطن بمدينة القدس.

ومنتصف 2019، قدر الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، عدد الفلسطينيين بالضفة الغربية، بنحو 3 ملايين نسمة.

وبأغلبية ساحقة، يعتبر المجتمع الدولي، المستوطنات غير شرعية، ويستند هذا جزئيا إلى اتفاقية جنيف الرابعة، التي تمنع سلطة الاحتلال من نقل إسرائيليين إلى الأراضي المحتلة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى