أخبار عاجلةمقالاتومضات

مربعانية وخمسينية الشتاء و”السعودات” بحسب التراث الشعبي

يوسف كنانه- ماجستير بالعلوم السياسية وتاريخ الشرق الاوسط
إن الناظر المتأمل والدارس الباحث المتعمق والمتعقب في تاريخ وحضارة الأمم والشعوب، فإنه سيجد دونما عناء أنه لا شيء من الممكن أن يضع للأمم هويتها أكثر من التراث، فهو الذي يربط حاضر الأمة بماضيها ويعزز حضورها التاريخي.
وليس التراث الثقافي هو بمثابة معالم وصروحا وآثارا فحسب، بل إنه يحفل بسجل واسع من الروايات والحكم فلم يترك حادثة أو مناسبة إلا وربطها بقصة أو مثل تتناقله وتتوارثها الأمة عبر الأجيال والعصور، كغيره من الاحداث والمناسبات.
في هذا البحث، لنا كلمات تظهر جليا ما ورثه الفلسطينيون عن أجدادهم من تقسيمات للفصول والأيام، وأبرزها تراث تقسيم فصل الشتاء الذي يمتدّ في بلاد الشام، ومن جعبتها فلسطين إلى تسعين يوما، ويقع على قسمين وفقًا لما حدّده وضبطه أجدادنا، فأصبح موروثا شعبيًا حضاريًا يشهد على هوية المكان والسكان الأصليين.

يمتد فصل الشتاء في بلادنا إلى تسعين يوما، ويقع على قسمين:
القسم الأول: المربعانية وتستمر لأربعين يوما، تبدأ في اليوم الواحد والعشرين من شهر كانون الأول، وتنتهي بنهاية كانون الثاني، ويلقبونها بفحل الشتاء لما تحمله من ثلوج وامطار وبرد قارس.
تليها الخماسينية أو السعودات، ويستدلّ على طول مدّتها من اسمها لخمسين يوما، تبدأ مع نهاية شهر كانون الثاني وتستمر حتى الواحد والعشرين من شهر آذار. وتقسم خمسينية الشتاء، إلى أربعة أقسام أو أربعة سعود، هم: 1- سعد الذابح، 2- سعد البلع، 3- سعد السعود، 4- سعد الخبايا.
1. سعد الذابح: من 1 شباط إلى ظهر يوم 12 شباط، وهي فترة تتسم بالبرد الشديد. ويعود إطلاق مصطلح سعد الذابح الى حكاية شعبية تقول: إن شخصا اسمه سعد عزم على السفر في نهاية الاربعينية في يوم دافئ، فنصحه والده أن يتزود بفراء وقليل من الحطب اتقاء البرد المحتمل والمطر، فما سمع نصيحة والده، وكان يظن أن الطقس لن يتغير، بحكم أن الجو في ذلك الوقت كان دافئا. ركب ناقته وسافر وبعد يومين من السفر نظرت والدته شمالا فرأت الغيوم الشمالية فخافت على ولدها سعد، فشكت فأجابها (إن ذبح سعد سلم وان لم يذبح هلك) وما أن بلغ سعد منتصف الطريق الى حيث يقصد، حتى أكفرت السماء وتلبدت بالغيوم وهبّت ريح باردة وهطل مطر وثلج غزير، فلم يكن أمامه سوى ذبح ناقته وهي كل ما يملك، حتى يحتمي بأحشائها من البرد القارص والنجاة بنفسه. لذلك ذبح الناقة فسمي سعد الذابح.
2. سعد البلع: من ظهر يوم الثاني عشر من شهر شباط ولغاية ظهر يوم الرابع والعشرين من نفس الشهر، وهو كناية عن الأرض في تلك الفترة، تبتلع ما يسقط عليها من أمطار نتيجة ابتداء درجات الحرارة.
3. سعد السعود: من ظهر يوم الرابع والعشرين من شهر شباط إلى ظهر يوم الثامن من شهر آذار، بعد أن انتهت العاصفة، أشرقت الشمس وأصبح الجو دافئا، فشعر سعد بالفرح واحتفل لنجاته من العاصفة ومن البرد.
4- سعد الخبايا: وهو الجزء الأخير من السعوديات، ويمتد من ظهر يوم الثامن من شهر آذار وينتهي يوم الواحد والعشرين من الشهر ذاته. فكما تشير الحكاية التراثية أن سعد قام بصناعة معطف له من فرو الناقة التي ذبحها، كما أخذ من لحم الناقة المتبقي وخبأه خوفا من أن تتكرر العاصفة مرة أخرى. خلال أيام سعد الخبايا تبدأ الزواحف التي كانت تقضي فترة السبات الشتوي بالظهور.
المستقرضات: ومدتها سبعة أيام، ثلاثة من أواخر شهر شباط وأربعة أيام من أوائل شهر آذار، وتمتاز في أغلب الأحيان بالمطر الشديد والفيضانات وهبوب الرياح الشديدة والبرد القارس.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى