أخبار عاجلةمقالاتومضات

ماذا يحصل إذا…

إيمان راسم مصري
ماذا يحصل إذا مضى على الزوجين شهر ثم تبعه الشهر والعام بعد العام ولم يزد عددهما ولم يشاركهما بيتهما طفل صغير يركض ويلعب في أنحاء البيت، شاكيًا أو باكيًا أو لاهيًا؟ ماذا يحصل إذا لم يتغير حجم الزوجة وينتفخ بطنها معلنا بشرى حصولها على لقب جديد “أم”؟ ماذا يحصل لو أن عيني الزوج لم تلمع إذ لم يحن بعد تمتعه بنشوة ” الأبوة”؟
هل ستصبح الحياة حبيسة بين فكي الانتظار القاتل؟ أم حبيسة الأمل السجين؟ أم هي حبيسة الأسئلة القاسية من هذه وتلك وكل منهما تحمل كلمات ملغمة تهمز وتغمز؟
إنها عادات سيئة في مجتمعنا حين لا يمر على الزوجين الشهر أو الشهران حتى تبدأ الزوجة تقلق لعدم حملها بعد، بينما يشير المختصون والأطباء أن هذا القلق لا يجب أن يهدد الزوجين إلا بعد مرور سنة على زواجهما على الاقل. وربما لا يرغب كل من الزوجين بالإنجاب وربما عاشا حياتهما بالحب والمودة وتمتعا بها وأرادا بذلك أن ينسجما معًا ويؤسسا أسس التربية قبل أن يرزقا بالأولاد، ولكن غيمة سوداء تخيّم عليهما إذ لم ينجبا بعد فالناس في الانتظار، تسأل وتحقق وتحكي وتؤلف!
إن حكمة الله في خلقه أن قسّم الأرزاق والأقدار، ومن يسعى إلى أن يعيشها حلوة بحلوها ومرها عليه أن يوقن ويعي تمامًا أن الخيرة فيما اختاره الله، فلربما تأخر الإنجاب لعدم كفاءة الزوجين أو كان ذلك منعًا لشر مر أو مشيئة الله أن يرفع درجاتهما ويعلي منزلتهما ويرقي بإيمانهما لأعلى الدرجات.
فالحياة هي أوسع من أن يحدها حلم واحد، فهي كأفق البحر الذي لا تعرف له نهاية والخير كثير كثير والنعم لا تعد ولا تحصى فلماذا نضيق ما أوسعه الله علينا، وكأننا بذلك نشتكي القدر؟!
فلنرفع أيدينا عن شبابنا وفتياتنا ولندعهم يعيشون حياتهم بهناء واستقرار، فهم قادرون على أن يتحملوا المسئولية ويعايشوا الظروف ويسلموا لقضاء الله ويأخذوا بالأسباب. إن هذه الأمور تبقى شخصية لدرجة لا يمكن لأي منا أن يحشر أنفه فيها، فهي خاصة خاصة لا شأن لنا فيها حتى وإن كنا ذوي قربى، اللهم إلا من باب المساعدة والاطمئنان.
لنكتفي بدور الموجه المربي، الذي يمسح على كتف أبنائنا وبناتنا ويأخذ بأيديهم مع توجيهنا لتجاربنا الحياتية والحكم الربانية التي عايشناها في مجتمعنا. فهناك من نصحتها صديقة وجهت كلمة وقعت في قلبها رغم أن تلك الصديقة قالتها عفويًا وربما هي نفسها لم تلق لها بالًا إلا أن تلك الفتاة قد سمعتها بقلبها ولامس صداها ايمانها العميق بربها، كانت الرسالة نداءً ربانيًا كأنه يخاطبها قائلًا: (فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّاراً* يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَاراً* وَيُمْدِدْكُم بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا). ففهمت الآية والتزمت محرابها وعكفت على الاستغفار وعجل الله البشرى بعد أيام قليلة فسبحان رحمة الله.
ماذا يحصل إذا لم يرزق الزوجان بالأولاد؟ إنها وإن كانت زينة الحياة إلا أنها خير مؤجل لهما في الآخرة إن شاء الله. فليسعدا وليرضيا بقضاء الله وليأخذا بالأسباب على قدر استطاعتهما ولنمسح على كتفيهما برفق وحنان ولا نثقل عليهما بوابل من الأسئلة المستفزة، فإنها إرادة الله.
وليعلم كلا الزوجين أن أفق السعادة لن يضيق بحلم واحد، فالتحدي أمامهما أن يعيشا حياتهما بهناء وسعادة ويستثمرا وقتهما في إصلاح الأرض وترك الأثر الطيب، فخير مؤجل أفضل من شر مقدم من ذرية ليست بصالحة تضيق العيش وتزيدها بؤسًا وألمًا فوق التعب.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى