يوميات أسرة غزية في الحجر المنزلي
لا يمر الوقت مملاً على أسرة المواطن محمد أبو ريدة، التي تقطن في بلدة خزاعة الواقعة بمحافظة خانيونس جنوبي القطاع، خلال فترة الحجر المنزلي التي التزمت بها منذ بدء مطالبة السلطات للمواطنين بالبقاء في منازلهم.
وتقضي العائلة يومها، بين الأحاديث الكثيرة التي تتبدل بين الليل والنهار، والجلسات الطويلة التي يتناوب فيها الجميع على إبداء رأيه في المواضيع المختلفة، إضافة لمشاركة الكل في الأعمال المنزلية، واللعب والتسلية وغير ذلك.
ويقول الأربعيني أبو ريدة لوكالة الأناضول: “على الصعيد الشخصي، خرجت قبل نحو أسبوع، من الحجر الصحي الإلزامي التابع لوزارة الصحة في قطاع غزة، وذلك لأني كنت من بين المسافرين العائدين للقطاع عبر معبر رفح”.
ويشير إلى أنّ أيامهم ما قبل أزمة “كورونا”، اختلفت عمّا بعدها، وذلك لأن التواصل بين العائلات المختلفة، صار أقل، ولأن الناس لا يخرجون للشوارع ولا يتجمعون في المناسبات الاجتماعية.
ويضيف أبو ريدة، وهو صانعٍ في إحدى الورش: “ذلك الأمر، دفع كل عائلة من العائلات، للبحث عن أجواء خاصة، تساعدهم على التسلية خلال فترة الحجر، وتكسر ذلك الملل لديهم”.
وتتكون أسرة المواطن أبو ريدة من 8 أفراد، ويقطنون في منطقة ريفية تقع جنوبي قطاع غزة، حيث تمتاز العلاقة بين عائلاتها بالترابط والقوة.
ويبدأ يوم العائلة في الصباح الباكر بطعام الإفطار، الذي يشارك في إعداده جميع أفراد الأسرة، حيث يتولى البعض مهمة العمل داخل المطبخ، فيما يحضر آخرون مكان الأكل، والبعض يذهب لقطف الخضار الطازجة من الأرض الزراعية القريبة منهم.
وبعد ذلك يتشاركون في ترتيب المنزل، وإعداد طعام الغداء، الذي يجلسون بعده داخل أرضهم الزراعية يتبادلون أطراف الحديث، ويشربون الشاي، الذي يعدونه على النار.
** الوقت للعائلة فقط
ولدى الابن إيهاب (21 عاماً)، موهبة غنائية لم تلتفت لها الأسرة بشكل كامل، إلا في فترة الحجر، وذلك كونهم صاروا يكثرون من عقد الجلسات العائلية المشتركة والنقاشات في أوقات متفاوتة.
ويتحدث إيهاب لوكالة الأناضول، عن أنّ أفراد أسرته صاروا يطلبون منه كثيرا الغناء في الأوقات التي يجتمعون خلالها، ويطلبون منهم تأدية الأغنيات الشعبية المعروفة ليتفاعلوا معه.
أما الفتاة أمنية، البالغة من العمر 16 عاماً، فتذكر أنّ التفكير في المدرسة والصديقات كان يحوز على الوقت الأكبر من يومها، الذي كانت تقضي أكثر من نصفه بينهما.
وتتابع: “اليوم اختلف الأمر، وصار الوقت كله للعائلة، حيث أعمل على مساعدة أمي بأعمال المنزل، وأقضي زمنا في الحديث مع أخوتي”.
وتضيف: “وفي ساعات الظهيرة، أراجع بعض المواد الدراسية، لأبقى على اتصال بها، ولأتمكن من تحقيق درجة عالية وقتما يعود الدوام المدرسي”.
وينوّه الأب أبو ريدة إلى أنّ عيشه في منطقة زراعية واسعة، يمنحه الكثير من التسلية، ويبعده عن الملل، حيث يقضي بعض وقته عاملا في أرضه الزراعية الصغيرة.
ويلفت إلى أنّ الالتزام في البيت خلال هكذا أزمات، “أمر مهم جداً، يكاد أن يكون بمثابة الواجب الوطني، وذلك لأن الخطر كبير، والإمكانات الصحية المتوافرة في غزة ضعيفة جداً، ومهددة بالتوقف عن العمل في أي لحظة”.