أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةأخبار وتقاريرعرب ودوليمنوعات

المسلمون الأوائل بأميركا.. قصص اكتشاف واستيطان واستقلال

ترتبط قضية العبودية في العصر الحديث باكتشاف العالم الجديد، إذ تم إخضاع العمال الذين تم شراؤهم من تجار الرقيق في أفريقيا للعمل الجبري في مزارع المستعمرات الأميركية الجديدة بدءًا من بدايات القرن الـ 17.

وكان الإسلام جزءًا من النسيج الديني الأميركي منذ بداية وصول المستوطنين لأميركا الشمالية، فقد شارك المسلمون الأفارقة -وغيرهم ممن وصلوا للأراضي الجديدة-ببناء أميركا بدءًا من رسم حدودها إلى القتال ضد الحكم البريطاني.

وجاء المسلمون أولاً إلى أميركا الشمالية بالقرن الـ 16 كجزء من الحملات الاستعمارية. أحد هؤلاء المستكشفين كان مصطفى الأزموري، المعروف أيضاً باسم إستيفانيكو الذي يعتبر أول مسلم وأول أفريقي يصل الأراضي الجديدة على حد سواء.

وباع البرتغاليون مصطفى لأحد النبلاء الإسبان واقتيد عام 1527 على متن سفينة بعثة إسبانية لإنشاء مستعمرة في فلوريدا، وكان أحد أربعة ناجين من الرحلة، ويعتبر أحد مكتشفي نيومكسيكو ومنطقة جنوب غرب الولايات المتحدة الحالية. ويعتقد أنه مات في واحدة من مدن الهنود الحمر بها بعد جولات استكشافية استمرت قرابة العشر سنوات.

حرب الاستقلال

كما قاتل المسلمون الأفارقة إلى جانب المستوطنين أثناء الحرب الثورية للاستقلال (1775-1783).

ويظهر العديد من الرجال الذين يحملون أسماء مسلمة بالسجلات العسكرية، بما في ذلك بامبيت محمد ويوسف بن علي (المعروف أيضاً باسم جوزيف بنهالي)، وآخرون بقوائم العد العسكري بينهم أسماء يُعتقد أنها مرتبطة بالمسلمين مثل سالم بور. وكانوا يحرصون على تمييز أنفسهم بساحة المعركة.

وكان الآباء المؤسسون لأميركا يدركون وجود المسلمين في البلاد الجديدة، وكان توماس جيفرسون يمتلك نسخة من القرآن الكريم، وذكر الإسلام في العديد من كتاباته المبكرة وأطروحاته السياسية.

وفي حملة من أجل الحرية الدينية في فرجينيا، ناقش جيفرسون “قانون ولاية فرجينيا للحرية الدينية” المقترح قائلاً “لا ينبغي استبعاد وثني ولا محمدي (مسلم) ولا يهودي من الحقوق المدنية للكومنولث بسبب دينه”. ولسوء الحظ تم تعديل الفقرة لاحقاً، وتم التصديق على إزالة الإشارات إلى المجموعات غير المسيحية.

ولم يكن جيفرسون رجل الدولة الوحيد الذي اعترف بأديان أخرى غير المسيحية. ومع ذلك، لم تمنع المعرفة والانفتاح النظري على الإسلام من استعباد المسلمين الأفارقة الذين شاركوا في حركة إلغاء العبودية وكانوا جنود الاتحاد خلال الحرب الأهلية.

عبيد لا مواطنون

في السنوات الأولى من تأسيس أميركا، لم تكن الغالبية العظمى من المسلمين مواطنين بل كانوا عبيدا تم جلبهم من بلدان أفريقية. وتتراوح التقديرات حول أعدادهم بين عشرات الآلاف وحتى 3 ملايين بالقارتين الأميركيتين.

وكان العديد من العبيد المسلمين متعلمين وتحدث كثير منهم بالعربية بحسب مؤرخين، وتولى كثير منهم مناصب قيادية ضمن وظائف العبيد في مزارع الجنوب الأميركي.

ونتيجة لقدرتهم على القراءة والكتابة وخلفياتهم المهنية، اشتغل كثير من المسلمين المستعبدين الأفارقة في أعمال مثل الحسابات والخدمة الشخصية والحراسة، وهو ما أتاح لهم الاختلاط بالمجتمع الأبيض، واستطاع بعضهم أن يكسب ماله الخاص ويفتدي نفسه من العبودية.

وترك هؤلاء العديد من الروايات المكتوبة عن تجاربهم بأميركا على شكل خطابات ومذكرات وسير ذاتية، كثير منها بالعربية التي استخدموها لغة تواصل وأيضاً لتقويض العبودية، وشملت الرسائل آيات قرآنية تحض على الحرية، وقوائم للأنساب، ووعودا بالعودة إلى الوطن في أفريقيا، بحسب المتحف الوطني للتاريخ الأميركي الأفريقي.

وقدمت السجلات القديمة معلومات حول أسمائهم وملابسهم وعباداتهم وغذائهم وأنماط حياتهم وممارسة الصلاة والأذان والزكاة دلالة حول عمق انتمائهم وتمسكهم بدينهم في البداية، لكن كثيرين تحولوا للمسيحية أو أصبح أبناؤهم مسيحيين ضمن عملية الاندماج مع المجتمع الجديد، وهذا ما يفسر تناقص نسبة المسلمين في القرن الـ 19، بحسب المؤرخ غان باسيري مؤلف الكتاب المعروف “تاريخ الإسلام في أميركا”.

وكتب الباحث الأميركي مايكل جوماز أنه منذ القرن الـ 16، كان عدد كبير من الأراضي التي يستهدفها مهربو العبيد مناطق لسكان مسلمين. ويقدم أدلة من التاريخ الأفريقي تشير إلى أن نسبة كبيرة من الذين استعبدوا كرقيق عبر المحيط الأطلسي كانوا من المسلمين، وأدى قمع جالبي العبيد إلى ثورة على نهر السنغال بالقرن الـ 19 قام بها مسلمون تمردوا على الاستعباد.

وتتبع جوماز الإسلام بين العبيد بأميركا الشمالية من خلال الإعلانات عن العبيد الهاربين، إذ ضمت أسماء مثل مصطفى وأبو بكر بشكل كبير.

موجة ثانية

لكن هذا التناقص لم يدم طويلاً، فقد بدأ ملايين المهاجرين في الوصول إلى شواطئ أميركا نهاية القرن الـ 19، وزادوا أكثر أوائل القرن العشرين.

وكان من بينهم عشرات الآلاف من البلدان ذات الأغلبية المسلمة بالشرق الأوسط وجنوب ووسط آسيا وأوروبا الشرقية. وهي البلدان التي كانت تحلم بإنجازات الثورة الصناعية التي اندلعت بمجرد أن خرجت أميركا أخيرا من رماد عصر الحرب الأهلية وإعادة الإعمار.

ومع ذلك، عانى المسلمون منذ البداية من العداء خاصة عند ممارسة عقيدتهم، فوجدت ممارسات عنصرية مثل قذف المصلين بالأوساخ، والإجبار على ارتداء ملابس مسيحية، ورفض صيام رمضان أو المنع من الصلاة، وأجبر بعضهم على التحول الديني فأخفى معتقده الحقيقي وتحول ظاهرياً، وتروى إحدى الروايات قصة عبد كوفئ بالحرية بعد تحوله الديني ولما عاد إلى موطنه أظهر تمسكه بدينه الأصلي.

المصدر: الجزيرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى