أخبار عاجلةمقالات

صديقي بركة وحديثه عن صفقة القرن

توفيق محمد

سمعت يوم أمس صباحا تصريحا لصديقي العزيز السيد محمد بركة أبو السعيد رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية يتعلق بمساعي التهدئة بين حماس وإسرائيل التي تقودها مصر، وقد ظننت للوهلة الأولى ان التصريح مجتزأ ومقطوع من السياق، لذلك قررت مشاهدة المقابلة الكاملة التي أجراها معه الصحفي رمزي حكيم لصالح تلفزيون مساواة، وهكذا فعلت، واكتشفت أن التصريح كامل ويؤدي المعنى الذي تحدث به السيد أبو السعيد، وقد أسفت لذلك، أما لماذا فسوف أقول ذلك لاحقا بعد أن انقل تصريحات السيد بركة وهي كالتالي :”أي اتفاق يحصل الآن مع غزة أو مع حماس في غزة بمعزل عن منظمة التحرير الفلسطينية، بمعزل عن الموقف الجامع لشعبنا الفلسطيني وأطره الجامعة، سيستعمل من أجل تمرير صفقة القرن، إخراج منظمة التحرير الفلسطينية خارج التداول، وبعد ذلك ستدفع حماس ثمنه من قبل إسرائيل” ثم قال عن اتفاق التهدئة فيما لو حصل: ” الاتفاق يكرس الإنقسام”، “تمهيد لصفقة القرن” ،”إستبعاد لثوابت الشعب الفلسطيني” هذه كلها وردت على لسان صديقي العزيز محمد بركة وتحت التعريف رئيس لجنة المتابعة العليا.
وللحقيقة فقد اجتهد السيد صديقي العزيز أبو السعيد طيلة الوقت ان تكون تصريحاته تمثل الموقف العام للجماهير العربية، لكنه في هذه المرة أخفق اخفاقا كبيرا، وغير مقبول بتاتا، وكان الأولى به وهو يعتزم أن يدلي بهذه التصريحات أن يطلب من مقدم البرنامج السيد عزمي حكيم نزع التعريف “رئيس لجنة المتابعة العليا للجماهير العربية” عنه في هذه المقابلة لأنه سوف ينحاز فيها الى حزبيته، والى مواقف السلطة الفلسطينية أكثر من انحيازه الى مواقف السواد الأعظم ممن يجب عليه أن يمثل مواقفهم في أي تصريح أو موقف، وهو الموقف الجامع للكل الفلسطيني، وليس الموقف الفئوي فكيف يُقبل أن نسمع التصريحات التي تتحدث عن الكل الفلسطيني، وعن ضرورة إنجاز المصالحة الفلسطينية، وفي ذات الوقت تكون الممارسة الإعلامية منحازة للخط الهجومي الذي عممته السلطة الفلسطينية.
في اجتماع جمع لجنة المتابعة العليا مع بعض الفصائل الفلسطينية في رام الله والتي من المفترض أنها تمثل “الكل الفلسطيني”، ولكنها ليست كذلك، في مطلع العام الجاري، وحضره السيد عزام الأحمد القيادي البارز في حركة فتح، قال الأحمد إن صفقة القرن فيها ما لا نوافق عليه، وفيها عسل، نحن سوف نأكل العسل الذي فيها، وأعتقد أن لا أحد بإمكانه أن يغرق في أكل العسل دون أن يلتصق به ودون أن يدفع ثمنه، أما الذي تدفعه غزة وشعب غزة ومقاومة غزة نتيجة مواقفها في الدفاع عن ثوابت شعبنا الفلسطيني فهو حصار مفروض عليها من إسرائيل ومصر ومن السلطة الفلسطينية بقيادة السيد محمود عباس الذي ما يزال يرفض كل عرض يقدم له لطي صفحة الانقسام وللإذعان للصوت القادم إليه من غزة واليد الممدودة له من هناك باتجاه المصالحة الفلسطينية، بل ويقمع كل صوت في الضفة الغربية يطالبه برفع العقوبات التي فرضها على أبناء شعبه في قطاع غزة، وهم الذين يفترض أنه رئيسهم، ويجب أن يسعى الى خدمتهم ومساعدتهم، وقد شاهدنا كلنا قمعه لمظاهرات رام الله، وضرب الشباب واعتقالهم وسحلهم والاعتداء على النساء، حرائر شعبنا، وسحلهن، لأن هذه المظاهرة طالبت برفع العقوبات عن أبناء شعبنا الفلسطيني في قطاع غزة !!! فأي رئيس هذا الذي يفرض على شعبه الحصار ويقمعهم بالحديد والنار ويتوافق مع عدوهم في تجويعهم ومنع الدواء عنهم.
غزة دفعت ثمن مواقفها في الدفاع عن شعبنا الفلسطيني، وعن ثوابت شعبنا الفلسطيني ثلاثة معارك طاحنة في الحرب الممتدة عليها من قبل إسرائيل سلاحا، وتآمرا من قبل سلطة رام الله وبعض الأنظمة العربية المتواطئة والمعروفة للجميع.
وليست عنا ببعيدة حملة الدواء لغزة التي أعلنتها لجنة المتابعة العليا وهي التي جاءت في اعقاب النقص الهائل في الأدوية والمعدات الطبية التي كانت تعاني منها غزة نتيجة الحصار المضروب عليها، ونتيجة العقوبات التي فرضها عليها عباس لتركيع غزة أمام الاحتلال الإسرائيلي وإرادته.
طبعا ليس خافيا على أحد أن مفاوضات القاهرة التي تسعى للتهدئة تشارك فيها كل الفصائل الفلسطينية ما عدا الفصيل الذي يقوده السيد الرئيس وهو فتح، وعليه فكيف سيكون الإتفاق الذي يتشكل تمهيدا لصفقة القرن؟ وكيف سيكون تنازلا عن الثوابت الفلسطينية؟ ولماذا يكرس الانقسام؟ وهل إعادة اللحمة الفلسطينية تقتضي أن يبقى قطاع غزة محاصرا إسرائيليا وعربيا وفلسطينيا ومعاقبا عباسيا؟ وهل يجب على قطاع غزة أن يرضخ للشروط العباسية التي تستوفي المطالب الإسرائيلية حتى توافق السلطة على رفع العقوبات والحصار عن غزة.
غزة تملك من الأوراق ما يجعل إسرائيل ومصر معنيتان بالتهدئة معها، وعلى رأس هذه الأوراق هي القوة التي تمتلكها المقاومة في غزة والإرادة الصلبة التي يتمتع بها أهلها والتي جعلتهم يصمدون أمام ثلاثة حروب طاحنة ومدمرة، بل وجعلتهم يضربون العمق الإسرائيلي، وينتصرون، أما كيف ينتصرون فإن معايير النصر والهزيمة في حالة الشعب المستضعف والواقع تحت الإحتلال والحصار من كل حدب وصوب تختلف عن تلك التي تكون للدول حرة الإرادة والسيادة، وإن انتصار الغزيين لم يكن على القوة الاحتلالية، فقط، بل وعلى من ساندها ودعهما وتآمر معها وقدم لها الخدمات المعلوماتية والاستخباراتية وساهم فعليا بالحصار، وليس “الفريق الطبي” الإماراتي الذي اكتشفه أهل غزة بأنهم ليسوا أطباء ولا يحزنون وأنهم ليسوا الا عملاء كانوا ينقلون المعلومات خلال الحرب للإسرائيلي عنا ببعيد، وقد وصلت إسرائيل الى قناعة مفادها أن أي حرب مع غزة سوف تضرب العمق الإسرائيلي من جديد وتتسبب بخسائر كبيرة في صفوفها هي في غنى عنها، والأنكى من ذلك أن حربا كهذه لا يمكن حسمها، بل ستكون استنزافا جديدا للطرفين، ولذلك فإن إسرائيل تفضل التوصل الى هدنة معها .
أما الأوراق الضاغطة التي تملكها السلطة الفلسطينية أمام إسرائيل والتي تضغط بها على إسرائيل حتى تبقي غزة على هذه الحال فهما ورقتان ليستا بالهينتين أيضا:
1. التنسيق الأمني وتبادل المعلومات أمام العدو المشترك وهو المقاومة الفلسطينية حتى تلك التي يعتبر قسم منها تابع لحركة فتح والذي تحاربه سلطة عباس، وقد قدم هذا التنسيق خدمات جليلة وكبيرة جدا للأمن الإسرائيلي.
2. قيام السلطة الفلسطينية بالتكفل بالحاجات والمعونات المالية لثلاثة ملايين فلسطيني في الضفة الغربية من مواردها الذاتية الفقيرة ومن المساعدات الدولية التي تحصل عليها وبالتالي إعفاء الاحتلال الإسرائيلي من مسؤولياته تجاه الشعب الذي يحتله كونه السلطة القائمة بالاحتلال، وبالتالي جعل الاحتلال الإسرائيلي سوبر احتلال يتمتع بقيام سلطة الشعب الذي يحتله بالمسؤوليات التي يتوجب عليه القيام بها.

وبعد فمن هو الذي يمهد لصفقة القرن ويلعب لأيدي الاحتلال الإسرائيلي ضد مصالح شعبه؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى