أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

ماراثون في مكة المكرمة وعرض أزياء في المدينة المنورة

الشيخ كمال خطيب

#للباطل جولة وللحق جولات

كم كان صعبًا على رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه رضي الله عنهم بعد إذ تذوقوا حلاوة النصر في معركة بدر، ثم الانتصار في بدايات معركة أُحد بعدها، والتي سرعان ما تحولت إلى هزيمة عسكرية مؤلمة، ظهرت فيها شماتة الكفار برسول الله صلى الله عليه وسلم وصلت إلى حد أن يتجمع المسلمون حول رسول الله صلى الله عليه وسلم عند سفح أُحد وقد قتل منهم سبعون شهيدا وجرح كثيرون، حتى أن صلى الله عليه وسلم قد كسرت أسنانه وكسرت البيضة على رأسه وسال الدم على وجهه الشريف، بل وأشيع خبر قتله بل وصل الذهول والإدراك إلى درجة أن يقف أبو سفيان ينادي بأعلى صوته متحديًا مستفزًا قائلًا “أُعلُ هُبل” حتى عمر العظيم رضي الله عنه لم يدرِ ماذا يجيب حتى سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم قائلًا: ماذا نقول يا رسول الله؟ قال: قولوا: “الله أعلى وأجل”، ثم قال أبو سفيان بمزيد من التحدي والغرور بانتصار الباطل على الحق في هذه الجولة قائلًا “لنا عُزى ولا عُزى لكم”. فقال عمر: ماذا نقول يا رسول الله؟ قال قولوا: “الله مولانا ولا مولى لكم”.

يقول صاحب تفسير المنير ص 176 الجزء الرابع: (أدى انتصار المشركين في أُحد وإصابة المؤمنين بشيء كثير من الأذى إلى استغلال المنافقين لتلك النتيجة، فصاروا يقولون: “لو كان محمد نبيًا ما قُتل ولا هُزم، وإنما هو طالب ملك فتارة ينتصر وتارة يهزم. وبادروا في نصرة الكفار وتثبيط المؤمنين عن القتال، فتألم النبي صلى الله عليه وسلم وحزن، فنزلت الآيات تسري عنه وتزيل الحزن). إنها قوله سبحانه {ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر أنهم لن يضروا الله شيئًا يريد الله ألا يجعل لهم حظًا في الآخرة ولهم عذاب عظيم} آية 176 سورة آل عمران.

قال الشيخ سعيد حوى في كتابه الأساس في التفسير ص 937 من المجلد الثاني: (لقد نهى سبحانه رسوله صلى الله عليه وسلم أن يحزن على من يسارع في الكفر محقرًا كيدهم، مبينًا أنهم الخاسرون. ثم ختم هذه الفقرة بتبيان أن الذين يبيعون الإيمان بالكفر لا يضرون الله بل يضرون أنفسهم باستحقاقهم عذاب الله). إنه الله سبحانه الذين راح يهوّن على رسول الله صلى الله عليه وسلم ويسلي عنه الآثار النفسية ولمنع الهزيمة المعنوية وهو يرى أولئك الذين يصرّون على الكفر، بل ويسارعون فيه بل والذين راحوا يشمتون بما أصاب المسلمين عامة ورسول الله خاصة خلال معركة أحد وأنهم قد انتصروا عليهم. إنه يقول لهم، لئن هُزمتم في أُحد فقد انتصرتم في بدر، والأيام دول والحرب سجال، يوم لكم ويوم عليكم وذلك كله لحكمة، فجعل للباطل دولة في يوم وللحق دولة في أيام، والعاقبة والنصر في النهاية للمتقين المخلصين.

يقول الشهيد سيد قطب في تفسير الظلال في الجزء الرابع ص 153 في تفسير قول الله تعالى {ولا يحزنك الذين يسارعون في الكفر…. }، هناك دائمًا الشبهة الكاذبة أو الأمنية العاتبة، لماذا يا رب؟ لماذا يصاب الحق وينجو الباطل؟ لماذا يبتلى أهل الحق وينجو أهل الباطل؟ لماذا لا ينتصر الحق كلما التقى مع الباطل ويعود بالغلبة والغنيمة؟ أليس هو الحق الذي ينبغي أن ينتصر؟ وفيم تكون للباطل هذه الصولة؟ وفيم يعود الباطل من صدامه مع الحق بهذه النتيجة وفيها فتنة للقلوب وهزّة؟).

ثم يقول الشهيد سيد قطب: (ففي هذا المقطع الختامي يجيء الجواب الأخير والبيان الأخير ويريح الله القلوب المتعبة، ويجلو كل خاطره تتدسّس إلى القلوب من هذه الناحية ويبين سنته وقدره وتدبيره في الأمر كله، أمس واليوم وغدًا وحيثما التقى الحق والباطل في معركة. إن ذهاب الباطل ناجيًا في معركة من المعارك، وبقاءه منتفشًا فترة من الزمان ليس معناه أن الله تاركه أو أنه من القوة حيث لا يغلب أو بحيث يضر الحق ضررًا باقيًا قاضيًا. وأن ذهاب الحق مبتلى في معركة من المعارك وبقائه ضعيف الحول فترة من الزمن، ليس معناه أن الله يجافيه أو ناسيه أو أنه متروك للباطل يقتله ويرديه. كلا إنما هي حكمة وتدبير هنا وهناك يملي للباطل ليمضي إلى نهاية الطريق وليرتكب أبشع الآثام وليحمل أثقل الأوزار، ولينال أشد العذاب باستحقاق. ويبتلي الحق ليميز الخبيث من الطيب ويعظم الأجر لمن لا يمضي مع الإبتلاء ويثبت….) إنه يواسي النبي صلى الله عليه وسلم ويدفع عنه الحزن الذي يساور خاطره وهو يرى المُغالين في الكفر، يسارعون فيه ويمضون بعنف واندفاع وسرعة، كأنما هناك هدف منصوب لهم يسارعون إلى بلوغه).

إن هذه الآيات ما نزلت لعلاج حالة ووضع عاشه المسلمون يوم أحد ومعهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، بل إنها آيات الله في قرآنه الخالد لتعالج حالات وأوضاع يعيشها المسلمون في كل زمان ومكان، حيث فيها يعلو صوت الباطل بل وتكون له جولة على الحق، فيندفع أهل الباطل في بجاحتهم وغرورهم، تبلغ حد الشماتة بأهل الحق وأنه النصر الدائم لهم عليهم، وإنها الضربة القاضية لن يقوموا من بعدها أبدًا.

وها نحن نرى ونسمع ونشاهد ما يقوله أبواق العلمانية والقومية ودعاتها، وكيف كانت ثورات الربيع العربي مع بداية العام 2011، وكيف انطلقت قوية هادرة شعاراتها دينية وموعدها صلاة الجمعة وانطلاقتها من المساجد، وكيف جاءت هذه الثورات بأبناء المشروع الإسلامي في تونس ومصر واليمن وليبيا وسوريا، ثم ما لبث المفسدون وأعوانهم أن انقلبوا على هذه الثورات وسرقوها ووأدوها، بل وأودعوا السجون الدعاة والصالحين ومن اختارتهم الشعوب، وعاد البطش والظلم والقهر. إننا نسمعهم ونراهم وهم يشمتون بأنه الخريف الإسلامي وليس الربيع، وكأن جولتهم هذه هي القاضية، ولن تقوم للحق بعد اليوم قائمة. فما علينا إلا الثقة واليقين بأن هذه جولة للباطل تتبعها للحق جولات بإذن الله، وما آيات سورة آل عمران تتحدث عن جولة الباطل في أحد إلا الدرس والدواء يومها واليوم وكل يوم.

# صبرًا يا أهل الغوطة

وعلى نهج أهل الباطل في أُحد وشماتتهم بأهل الحق وفيهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإننا نراهم ونسمعهم أولئك العبيد السائرين في مركب طاغية الشام بشار الذي يذبح شعبه ويشرد أهله ويدمر وطنه، ليجد من يصفق ويهتف له.

لطالما انتظرت الأمة من بشار وأبيه حافظ الأسد من قبله أن يحققا انتصارًا على المشروع الصهيوني، وأن يستردا الجولان السوري المحتل، وأن يعيدا اللاجئين الفلسطينيين في سوريا ولبنان إلى وطنهم السليب، فما رأينا منهما إلا مزيدًا من الطعن بالفلسطينيين وما مجزرتهم في تل الزعتر بالتي ينساها شعبنا، وما الجولان تحت الاحتلال وما يزال منذ خمسين سنة، وما كان منهم إلا الولوغ في دم الشعب السوري وتشريد أكثر من عشرة ملايين منه، وقتل أكثر من نصف مليون ومع ذلك يظل طابور وسرب من الببغاوات يرددون الشعارات الممجوجة عن ممانعة ومقاومة وعربية بشار ومشروعه القومي المهترئ.

ارتكب مجزرة الكيماوي في غوطة دمشق يوم 21/8/2013 وقتل أكثر من 600 بالغازات، فصفقوا له واعتبروها مسرحية من المعارضة. دمر حي الخالدية في حمص وقالوا بطولة. شرد أهل حلب ودمرها مستعينًا بميليشيات إيران وحزب الله وطائرات روسيا وقالوا إنه أسطورة، وها هو اليوم يدمر الغوطة ويشرد أهلها، بل من تبقى منهم وهم قريبًا من 400000 بعد أن سبق وشرد مليونًا ونصف المليون من أهلها، وليجد بشار الطاغية من يقول إنهم 400000 إرهابي ويجب سحقهم، ومن يقول إنهم قمل عالق على أطراف ثوب دمشق ويجب ابادتهم.

إنهم أولئك الذين يجلسون على مقاعدهم يتمتعون بكل الطيبات، بينما هم يتمتعون بسيل الدم السوري النازف منذ سبع سنوات، وتجدهم ينظرون إلى السفاح بشار وكأن مشروعه قد انتصر على المشروع الصهيوني، وهو في الحقيقة قد بقي على كرسيه لأن قادة المشروع الصهيوني في إسرائيل قد اعتبروا بقاءه خيرًا وأفضل ممن قد يأتون لعدم علمهم بحقيقة نواياهم إن هم سيطروا على زمام الأمور في سوريا.

فيا أهل الغوطة الأماجد، ويا أهل سوريا إنها جولة من جولات الباطل ليست دائمة ولا هي قاضية، وإن للحق جولات بإذن الله وإن أهل سوريا حتمًا ويقينًا ستكون لهم الغلبة على هذا الطاغية حتى لو صفق له أهل الباطل جميعًا. فإياكم والقنوط أو اليأس، وإياكم أن يحزنكم هؤلاء الذين يسارعون في الكفر والظلم والطغيان. إنهم لن يضروا الله شيئًا، ولن يحولوا بين إرادتكم وبين أن تنتصر، لأن إرادة أصحاب الحق من إرادة الله الحق سبحانه.

# ماراثون في مكة المكرمة وعرض أزياء في المدينة المنورة

ما يجري في بلاد الحرمين التي اغتصبوها وأسموها على اسم مغتصبيها “السعودية” ما هي إلا ردّه يقف على رأسها شاب مغرور هو ولي عهد النظام السعودي محمد بن سلمان. إنه الذي ارتد وانقلب، ليس على من كانوا في المنصب قبله فطردهم واغتصب مواقعهم كما فعل مع ابن عمه محمد بن نايف، وإنما هو الذي انقلب حتى على معاني النصوص الدينية والأحكام الشرعية التي طالما نظّر لها علماء كبار هم بطانة نظام الحكم هناك، وإذا بالحلال يصبح حرامًا والحرام يتحول إلى حلال، وراح هو يسمي هذا التحول بل هذه الردة إصلاحها.

لا شك أن هذه التحولات تعتبر صادمة لأنها تقع في أرض الطهر ومهبط الوحي وبلاد الحرمين الشريفين وقبلة المسلمين، ولعلها تؤثر معنويًا على نفوس المسلمين وهم يرون أحكام الشريعة والأماكن المقدسة تهان وتدنس من قبل هؤلاء المغتصبين.

فكيف للعقل أن يستوعب أن يقوم محمد بن سلمان بزيارة مقر الكنيسة القبطية المصرية، ويدعو البابا تواضروس الثاني لزيارة بلاد الحرمين، بينما هو وأبوه من أصدروا أوامرهم بمنع دخول فضيلة الشيخ يوسف القرضاوي رئيس الإتحاد العالمي لعلماء المسلمين إلى تلك البلاد، لا بل إن هناك أمرًا من السيسي حليفهم الذي دعموا انقلابه على الرئيس الشرعي محمد مرسي بالقبض على الشيخ القرضاوي من قبل البوليس الدولي “الانتربول”، بل كيف سيحتفي بالبابا القبطي بينما مشايخ وعلماء ودعاة الإسلام في السعودية في السجون والمعتقلات، حيث الإذلال والإهانات كما في حالة الشيخ سلمان العودة وعلي العمري وغيرهما.

وكيف للعقل أن يستوعب أن يقوم النظام هناك بالإعلان عن تنظيم ماراثون سباق جري نسائي في مكة المكرمة، بل كيف للعقل أن يستوعب أن يتم في الأسبوع الماضي تنظيم عرض أزياء فيه مظاهر فاضحة بل وصادمة، وأين؟ في المدينة المنورة قرب قبر الحبيب محمد صلى الله عليه وسلم.

وكيف للعقل أن يستوعب إجراء وعقد اتفاقية رسمية بين السعودية وبين ” مؤسسة المصارعة الحرة العالمية W. W. E  ” لإقامة تصفيات مصارعة في شهر نيسان القريب في السعودية، حيث المصارعون الوحوش لا يكاد يستر منهم إلا العورة المغلّظة. هذا ناهيك عن حفلات الغناء الماجن نجومها تامر حسني وكاظم الساهر ومطربات لبنانيات بل وحتى مطربون مخنثون أجانب، حيث يتراقص الشباب والشابات السعوديات أمامهم

إن هذا كله يجب ألا يؤثر في عزائمنا ولا يفت من عضدنا، لأنه لم يكن اليوم الذي فيه كنا نرى في إسلام السعودية الإسلام الحقيقي والنموذج، لأننا نعلم أنهم يستغلون وجود الحرمين الشريفين تحت قبضتهم ليتلفعوا بعباءة الدين وخدمة الحرمين وهم أبعد المسلمين عن جوهر الإسلام، فهذا الإسلام السعودي أبدًا لا يمثلنا.

إنه يجب ألا يحزننا هؤلاء الذين يسارعون في الكفر والذين يسارعون في مسح هوية وصورة الإسلام إرضاءً لأسيادهم، لأنه لا حظ لهم في الإسلام، ولا حظ لهم في نصرته ورفع رايته ودفع شر الأعداء عنه، لأنهم هم شر على الإسلام من أعدائه.

فلا يحزنكم يا أهل الغوطة ويا أهل فلسطين وغزة، ويا أهل اليمن والحجاز، ويا أهل مصر لا يحزنكم أيها المخلصون الصادقون هذا الزمن الغريب، وهذا الفساد الذي عمّ وطم فأنتم ونحن في مرحلة التمحيص ومرحلة الفتن والظلام الذي يسبق الفجر بإذن الله تعالى. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “ثم فتنة الدهيماء – شديدة السواء – لا تدع أحدًا من هذه الأمة إلا لطمته لطمة فإذا أقبل انقضت تمادت، يصبح الرجل مؤمنًا ويمسي كافرًا حتى يصير الناس إلى فسطاطين، فسطاط إيمان لا نفاق فيه وفسطاط نفاق لا إيمان فيه، فإذا كان ذاكم فانتظروا الدجال يومه أو غده”.

لا يحزنكم أيها المؤمنون الصادقون، خيانة الأمراء ولا ضلال العلماء ولا الرعاع من أتباعهم الذين لا همّ لهم إلا فروجهم وكروشهم، يبيعون دينهم بعرض من الدنيا. لا يحزنكم كل هذا واعلموا أننا في ساعات عتمة ما قبل الفجر، وإننا في أيام الكرب التي تسبق النصر، وإننا إلى الفرج أقرب فأبشروا.

رحم الله قارئا دعا لي ولوالدي ولوالديه بالمغفرة

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى