أخبار رئيسيةأخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةعرب ودولي

النرويج: تضامن مع فلسطين وتوتر نقابي مع الاحتلال الإسرائيلي

عاد السفير الإسرائيلي في أوسلو، رافائيل شوتز، إلى تهديد النقابة الوطنية للعمال في النرويج (LO)، التي تضم أكثر من 900 ألف عضو، بمقاطعتها وفرض عقوبات عليها إن لم تلغ قرارها الذي تبنته العام الماضي بمقاطعة إسرائيل.

ويبدو أن النشاط التضامني المتزايد لدعوات المقاطعة في النرويج بات مصدر قلق للسلطات الإسرائيلية، بالتزامن مع تزايد حالات منع دخول نقابيين وأكاديميين نرويجيين، وترحيل بعضهم من مطار “بن غوريون”، ووضع آخرين على قوائم المنع.

وبسبب هذه الممارسات، تزايدت الانتقادات النقابية، وخصوصا منذ فبراير/ شباط الماضي، بعد أن ساد اعتقاد بأن المؤسسة الاسرائيلية حولت سياسة الترحيل إلى “سياسة منهجية انتقامية بحق النرويجيين”، إذ أثار توقيف وترحيل أخير بحق النقابي محمد مالك، ومنعه من الالتقاء بزملائه الفلسطينيين، موجة غضب نقابي، بوصف سياسة الإبعاد “تهدف إلى تكميم أفواه نقابيي النرويج ومنعهم من التعبير”، بحسب ما يقول النقابي روي بيدرسن في أوسلو.

ومالك شخصية معروفة في الوسط النقابي، وخصوصا في العمل النقابي الدولي، المدعوم من النقابات المهنية، التي تضم مئات آلاف الأعضاء، لتعزيز التعاون النقابي حول العالم.

الغضب الإسرائيلي ليس جديداً، فمنذ صيف 2017 تسعى المنظمات الصهيونية المؤيدية وساسة اليمين المتطرف إلى محاربة المقاطعة باعتبارها “أمرا خطيرا يسعى لنزع شرعية إسرائيل”.

وكان المؤتمر العام للمنظمة الوطنية للعمال (LO) اتخذ قراره، في مايو/ أيار العام الماضي، بتصويت 193 عضوا مقابل 117 لمصلحة دعم حركة مقاطعة إسرائيل (BDS) على جميع المستويات، اقتصاديا وثقافيا وعلى المستوى الأكاديمي.

السفير الاسرائيلي في أوسلو لم يترك، بالتعاون مع منظمات الضغط النشطة في الدول الاسكندنافية، الفرصة تمر دون تحوير الأمر باعتباره “معاداة للسامية”.

وعاد السفير قبل أيام ليؤكد مجددا أن “منع دخول النقابيين سيبقى وسيتصاعد، طالما لم تلغ النقابة قرارها بالمقاطعة، فهي قررت مقاطعة الدولة اليهودية الوحيدة في العالم (وهي لغة اللوبيات لدغدغة مشاعر دينية لدى فئات متطرفة في اسكندنافيا)، وعليه غير مرحب بقادة المنظمة في إسرائيل”.

ويذهب شوتز، في سياق رده على أسئلة رسمية طرحتها النقابة النرويجية بشأن ممارسات بحق نقابييها، إلى حد اعتبار قرار المقاطعة، الذي تتمسك به النقابات، “تمييزيا بحق اليهود، ولذلك لا يمكن توقع قبول دخول قادة الكراهية إلى إسرائيل”.

من جانبها لم ترق للنقابات سياسة الضغط لإجبار النقابيين على تغيير أفكارهم بالتهديد، فوجهت رسالة رسمية منتقدة ومحتجة على ما يلقاه ممثلو الأعضاء أثناء محاولتهم السفر للالتقاء بنقابيين فلسطينيين، “فسلطة الاحتلال تريد من النقابي مالك أن يصبح مخبرا، فطلبوا منه أسماء من سيلتقي بهم، وتم تصويره وإيقافه في المطار بشكل سيئ، وهي ليست الحالة الأولى، وتحمل مؤشرا بأن النرويجيين غير مرحب بهم”.

ودعت 11 منظمة ونقابة وزارة الخارجية النرويجية إلى “رفع قضية النقابيين والأكاديميين الممنوعين من الدخول إلى أعلى المستويات”.

ويبدو أن تفاصيل المعاملة التي تعرض لها مالك، وغيره، أثارت غضب منظمات نقابية، ما اضطر مسؤولة التواصل في السفارة الاسرائيلية، بييتي ميكلسن، وباسم سفيرها، إلى القول إن “ما يجري عمل من أعمال السيادة في رفض دخول من لا تريده”، وهو اعتراف لم يكن يصدر سابقا.

ولا يعتقد أن تفجر الخلاف وبروزه إلى العلن في مصلحة المؤسسة الاسرائيلية، فقد ذهبت الصحافة، ومواقع إخبارية نرويجية، لتناقل تفاصيل الأخبار باستخدام لغة ليست في مصلحة الاحتلال بالقول إن “إسرائيل التي تحتل فلسطين وتسيطر على المناطق المحتلة في الضفة الغربية وتحاصر غزة وتحتل القدس الشرقية… توقف النرويجيين وتحقق معهم في مطارها.. لقد أوقفوا النقابي مالك وحققوا معه، وهو رفض أن يجيب عن أسئلتهم. وبالرغم من أنه يظن أن اسمه هو السبب، إلا أن أسماء أخرى نرويجية رفض دخولها بسبب تزايد المقاطعة بحق إسرائيل في النرويج”.

وتحت وقع الضغوط، خرجت السفارة الإسرائيلية، أخيرا، ببيان مقتضب تؤكد فيه أنه “سوف يجري التحقق من أسباب إبعاد مالك، لكن الأمر قد يحتاج لأسابيع قبل الإجابة”.

نائب رئيس النقابة، روجر هايملي، قال إن “النقابة الوطنية النرويجية للعمال قلقة وتنتقد استمرار إسرائيل بانتهاج سياسة تستهدف الأفراد والمنظمات الذين يستخدمون حقهم الطبيعي والسلمي في التعبير للدفاع عن المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان”.

وعلى الرغم من الضغوط التي تمارس سياسيا وإعلاميا ونقابيا، بانسحاب 120 من أصل 920 ألفا من عضوية النقابة، إلا أن النقابة الوطنية مستمرة بالتمسك بموقفها، “الذي يتطلب مقاطعة شاملة لإسرائيل طالما أن وضع الفلسطينيين في الأراضي المحتلة مستمر كما هو قبل عام، فلا تفاوض على المقاطعة”، بحسب ما يذكر كبير النقابيين يان أولاف أندرسن من “النقابات الحرة” المنضوية في (LO)، وتشمل نحو 420 ألف عضو.
ويؤكد أندرسن أن “المقاطعة أمر اتخذ بالأغلبية وهو مستمر”.

ومن بين الأسماء النرويجية التي أثار إبعادها جدلا في أوسلو الشخصية النقابية والكاتبة بيريت أوكر، فقد جرى إبعادها ومنعها من الالتحاق لاحقا بجامعة القدس، وهي ناشطة منذ سنوات في “حملة فلسطين”.

وكانت 18 مؤسسة ومنظمة نرويجية، ومن بينها كبريات المنظمات الكنسية الخيرية ومنظمة “أنقذوا الطفولة” وعدد من المنظمات الشبابية، أرسلت، في يناير/ كانون الثاي الماضي، رسالة إلى وزيرة الخارجية إينا إريكسن سوريدا، تعبر فيها عن القلق من اتساع سياسة الترحيل من قبل إسرائيل بحق النشطاء والنقابيين والأكاديميين النرويجيين كـ”سياسة انتقام”.
وطالبت تلك المنظمات وزارة الخارجية بالعمل على الضغط من أجل “منع عزل الفلسطينيين أكثر وإعاقة مشاريعنا التضامنية والإنسانية تجاه الفلسطينيين. فقوانين الإبعاد هذه تمنع حرية التعبير وتنتهك القوانين الدولية والإنسانية”.

مستشار الشؤون الخارجية في الخارجية النرويجية، بورد لودفي ثونرهايم، كتب معقبا على هذه السياسة الإسرائيلية بالتشديد على أنه “من المؤسف أن النرويجيين الذين يسافرون لأجل متابعة مشاريع مساعدة ومعونة يمنعون من دخول إسرائيل، أو يوضعون على اللوائح السوداء (المنع)”.

ومن غير المعروف حتى الآن ما هي الخطوات الرسمية التي ستتخذها النرويج في قضية استهداف مواطنيها، وخصوصا في ظل رفض حكومة يمين الوسط سياسة المقاطعة، إذ انعكس ذلك في ميزانية العام الحالي، حيث شطبت الحكومة موازنة دعم حركة “BDS”، خصوصا مع استمرار شركات نرويجية بوقف مشاريعها في المستوطنات، إلى جانب وقف استثمارات لصناديق التقاعد والبنوك.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى