أخبار رئيسية إضافيةأخبار عاجلةمقالات

انتهى زمن الكلاب والحمير وبدأ زمن الخيل الأصايل

الشيخ كمال خطيب

ليس من السهل أن يستقبل الإنسان العادي الأسلوب والمصطلحات التي يستخدمها سياسيون في دول تعتبر نفسها متنورة، بل إنها ترى نفسها أنها مدرسة القيم والأخلاق والحرية والديموقراطية للعالم كله، ولكن ولأننا على ما يبدو أصبحنا نعيش في زمن السفلة والهمل والأراذل والرويبضات الذين يتحكمون في أمر الناس كما قال صلى الله عليه وسلم: “إن بين يدي الساعة سنين خدّاعة، فيها يخوّن الأمين ويؤتمن الخائن، ويصدق الكاذب ويكذب الصادق ويتكلم في الناس الرويبضة. قالوا: وما الرويبضة يا رسول الله؟ قال: الفويسق يتكلم في أمر الناس”. وقال الجوهري: الرويبضة هو التافه، الحقير، الخسيس. وقال صلى الله عليه وسلم:” لا تقوم الساعة حتى يكون أسعد الناس بالدنيا لُكع بن لُكع”. ومعنى لكع بن لكع، اللئيم بن اللئيم، السافل بن السافل.

# زمن الكلاب

بعد حادثة إسقاط الطائرة الإسرائيلية يوم السبت 10/2/2018    فقد قام وزير الحرب الإسرائيلي ليبرمان يوم الثلاثاء الذي يليه 13/2 بزيارة إلى منطقة الشمال المحاذية للحدود السورية واللبنانية وفي مدينة الخالصة “كريات شمونة” أدلى ليبرمان بتصريحات صحفية قال في إحداها: (انتهى زمن النباح، هذا زمن العضّ ومن الآن وصاعدًا فإن إسرائيل ستعضّ بقوة).

نعم هذا هو القاموس الذي من مصطلحاته ينهل الوزير ليبرمان، وهذا هو القلب الذي يعزف منه لسانه لينثر هذه السموم والأحقاد بعد إذ يُشبّه الحكومات السابقة بالكلاب التي كانت لا تجيد إلا النباح. وأما حكومة نتنياهو التي هو وزير دفاعها فإن كلابها لا تنبح وإنما تعضّ وهذه المرة ستعضّ بشراسة.

وفي موازاة وبنفس معايير حكومة نتنياهو والتي يشغل ليبرمان وزير دفاعها فإنها حكومة الرئيس ترامب الأمريكية والتي يشغل جورج ماتيس وزير الدفاع فيها.

ماتيس هذا، فإنه وعندما وقف الرئيس ترامب لتسمية أعضاء حكومته ووصل إلى وزارة الدفاع، قال إنه اختار لها “الكلب المسعور” الجنرال جورج ماتيس، إنه بهذا أراد الإشارة إلى الخلفية الدموية لهذا الجنرال، الذي ولغ في دماء الناس كما يفعل الوحش والكلب الشرس، ومعلوم أن جورج ماتيس كان قائدًا للقوات الأمريكية في أفغانستان وكذلك في العراق، ما يعني أن ضحاياه هم من المسلمين في العراق وفي أفغانستان.

ولأن العلاقة متميزة وغير عادية بين الإدارة الأمريكية وحكومة نتنياهو، ولأن في وزارة الحرب في كلتا الحكومتين يقف من يفتخرون بأنهم كلاب مسعورة ويعضون بشراسة، فلك أن تتخيل مقدار وحجم الوحشية والدموية التي سيتعامل بها هؤلاء مع أعدائهم الذين هم شعبنا الفلسطيني وشعوبنا العربية والإسلامية.

# زمن الحمير

الكاتب الإسرائيلي “تسفي رخلفسكي” ألف كتابًا بعنوان “حمار المسيح-חמור של המשיח” وفيه يصف نظرية حاخامات المستوطنين اليهود في الضفة الغربية، والذين يعتبرون الدولة العبرية والعلمانيين فيها خاصة، مثل الحمار الذي يستغلونه لتحميل وتمرير ونقل الأيدولوجية الدينية لتمكين شعب إسرائيل من السيطرة على أرض الشعب اليهودي كما يزعمون. إن الحكومة بالنسبه لهم هي وسيلة مثل الحمار يحمل أسفارًا ولا يعرف ما فيها، وكل ذلك بانتظار ونزول “המשיח” المسيح المخلص الذي سينقذ شعب إسرائيل من المخاطر التي تحدق به.

وبالمقابل فإن في الإدارة الأمريكية تيار متنفذ يمثله نائب الرئيس الامريكي “مايك بينس”، وهو من الإنجيليين الأصوليين الذين يؤمنون بقرب عودة المسيح، والذي سيكون مكان عودته دولة الشعب اليهودي، ولذلك فإن هذا التيار هو صاحب التأثير القوي للدعم اللا محدود الذي تقدمه الإدارة الأمريكية لحكومة نتنياهو لضمان بقاء إسرائيل قوية، ليس لذات إسرائيل وإنما لأن في بقائها يعني قرب تحقق نبوءاتهم وقناعاتهم بقرب نزول المسيح، ولذلك فإنهم ينظرون إلى ترامب أنه الوسيلة لتحقيق هذه القناعات وهذا الإيمان، وهذا بالنسبة لهم مثل حمار المسيح أي إنه وسيلة لتحقيق أهدافهم وما إعلان ترامب عن القدس عاصمة إسرائيل الأبدية والموحدة إلا جزءًا من هذا المشروع، وأن نائبه مايك بينس هو من يقف خلف هذا القرار، وقد جاء قبل أسبوعين للاحتفال بهذا القرار.

إن نظرية شعب الله المختار وعلوّ بني إسرائيل على غيرهم، هي نفسها نظرية الإستحمار التي بها يؤمنون. بل وبها صرّح وكتب الحاخام اليهودي الأمريكي -بار بيل (أن الله تعالى قد خلق شعوب الأرض حميرًا على هيئه بشر لخدمة بني اسرائيل شعب الله المختار). ليس العيب في بني إسرائيل وإيمانهم بنظرية الإستحمار لغيرهم، ولكن العيب والعار فيمن رضوا لأنفسهم وكانت عندهم قابلية الإستحمار، وأن يكونوا حميرًا لأمريكا وإسرائيل. كما قال المفكر الجزائري المرحوم مالك بن نبي (هنالك استعمار تمارسه بعض الدول، وهناك قابلية للاستعمار عند بعض الشعوب). وهناك استحمار تمارسه أمريكا وإسرائيل، وهناك قابلية للإستحمار بل هناك استحمار بالفعل وبالإسم كما يفعل السيسي وحكام السعودية في تنفيذ السياسات الأمريكية والإسرائيلية، ومن أخطرها صفقة القرن والتي من ضمنها إعلان القدس عاصمة إسرائيل الأبدية والوحدة، حيث تبين موافقة السيسي وابن سلمان وابن زايد واطلاعهم عليها. بالمناسبة وللتذكير فإن كلمة سيسي باللهجة المصرية، هو حيوان أكبر من الحمار وأصغر من البغل يستعمل لنقل الأحمال، فهو أسم على مسمى.

إنه فعلًا زمن الحمير حيث ترامب بالنسبة للإنجيليين الأصوليين حمار من خلاله يحملون ويوصلون قناعاتهم الدينية بدعم إبقاء إسرائيل لضمان قرب نزول مسيحهم، وحيث اليهود يعتبرون الأمريكان وحتى العلمانيين اليهود حميرًا من خلالهم ينفذون قناعاتهم الدينية لضمان قرب نزول مسيحهم (الذي هو ليس مسيح الانجيليين الأصوليين) واليهود والأمريكان يعتبرون السيسي حمارًا به يحاربون المشروع الإسلامي ويحيدون من يقف في وجه سياساتهم ومخططاتهم ومثله ابن سلمان وابن زايد وبشار وغيرهم.

# ولكن لا يحبون الناصحين

هما رسالتان بنفس المعنى ونفس المضمون ولنفس الهدف، لكن المرسل والمرسل إليه يختلفان حيث كلا الرسالتين تؤكد على أن المستقبل هو للإسلام، وأن دولته وخلافته القادمة هي قاب قوسين او أدنى.

أما الرسالة الأولى فهي التي كتبها البروفيسور اليهودي الاسرائيلي في تسفي سفر-צבי ספר ” وهو استاذ الدراسات الأفريقية في جامعه انديانا بوليس في أمريكا، وقدم رسالته لشمعون بيرس عام 1995 بصفته رئيسًا للوزراء ووزيرًا للدفاع بعد مقتل رابين، ثم عاد ونشرها في العامين 2007 و2011 كما قال ذلك خلال المقابلة التي أجراها معه الصحفي الإسرائيلي اودي سيغل في موقع صحيفة معاريف العبريه يوم 26/1/ 2018.

في رسالته لشمعون بيرس يقول البروفيسور سفر من أن ملامح قيام امبراطورية إسلامية في المنطقة أصبحت بادية للعيان ولن يوقفها أحد، وأن من مصلحة الساسة الاسرائيليين أن يتفاوضوا مع قيادات إسلامية “حماس وغيرها” لضمان أن يكون لليهود منطقة حكم ذاتي محدود داخل حدود الدولة الإسلامية القادمة.

لا بل إن البروفيسور سفر وخلال رسالته يحذر من أن شبّاك الفرص يوشك ان يغلق، ولذلك ولأن شمعون بيرس لم يستمع للنصيحة ورسالته عام 1995، فإنه عاد ونشرها في الأعوام 2007/ 2011 ولكن ساسة إسرائيل لا يحبون الناصحين.

أما الرسالة الثانية فهي التي كتبها الصحفي الامريكي “جو شيا” يوم 11/1/2010 ونشرها في مجلة ” أمريكان ريبورتر-American reporter” وكانت بعنوان “الحرب ضد الخلافة”، ووجه تلك الرسالة للرئيس الأمريكي باراك أوباما وفيها ينصحه بالتفاوض مع الإسلاميين وليس محاربتهم، لأن هؤلاء وفق رسالته سيكونوا سادة العالم حيث دولتهم دولة الخلافة الإسلامية قادمة وقريبًا.

يقول جو شيا في رسالته: “سيدي الرئيس إن المعركة بين الإسلام والغرب معركة حتمية لا يمكن تجنبها وهي ذات تاريخ قديم، ولا بد أن نضع حدًا لهذا الصراع، وليس أمامنا إلا أن ندخل في مفاوضات سلام مع الإسلام”.

ويضيف جو شيا في رسالته لأوباما: “إننا نعيش في مرحلة تتصارع فيها العاطفة مع الأيديولوجيا، ولهذا فإن الأمر يتطلب منا إحداث توافق مع الإسلام قبل أن تسيل شلالات الدماء من الجنود الأمريكيين، وهذا أمر قد يحدث قريبًا ويجب أن تكون لدينا الحكمة، فلا نضع أنفسنا في قلب الحرب مع دوله الخلافة الخامسة والأفضل أن نقف على حدودها. يجب أن نزن أنفسنا جيدا ويجب أن نفكر بضميرنا الخاص كأمريكيين، فليس من الحكمة أن نساند أنظمة عالية الفساد ضد دوله الخلافة التي تصوغ سياستها أصلًا وفق عقيدة تحارب الفساد وتحارب القيادة غير الراشدة، أكثر مما تحارب تلك المبادئ اليهودية والمسيحية، التي تتسم بالتسامح مع الخطيئة والمخطئين على السواء. يا سيادة الرئيس: علينا أن لا نخاف من قيام حكومة أمينة أيًا كانت صفتها. إن الذي علينا أن نخافه هو قيادات تخاف مبادئها الأساسية “.

هكذا إذًا يوجه بروفيسور إسرائيلي عاقل وواقعي رسالة لقادة إسرائيل يقول لهم أنه لا مجال لمصادمة الإسلام، لأنه حتمًا سينتصر وتكون له خلافة ودولة عظمى، وهكذا وجّه صحفي أمريكي رسالة إلى إدارة أوباما ينصحهم فيها بتغيير سياستهم العدائية للإسلام لأن المستقبل للإسلام وإن امبراطورية اسلامية عظمى كما أسماها توشك أن تتشكل، لكن قادة إسرائيل وقادة أمريكا لا يحبون الناصحين.

# زمن الخيل الأصايل

ما من يوم تطلع شمسه إلا ونحن نزداد يقينًا أننا إلى الفرج أقرب وأن المستقبل للإسلام، وأن الصولة والجولة والدولة هي للإسلام بإذن الله تعالى

إن الذين يمارسون مهنة العضّ والنهش يظنون أنه لا أحد يمكن أن يوقف شعارهم، فإنهم وعما قريب بأذن الله سيجدون من يخلع أنيابهم ويُقلّم مخالبهم. وأما من مارسوا ضدنا سياسة الإستحمار ومن رضوا منا بها، فإنه وعما قريب بإذن الله تعالى سيسمعون صهيل خيولنا تملأ جنبات الدنيا وضربات سنابك خيولنا الأصيلة وهي تختلط بتكبيرات الفتح والنصر المبين، وعندما ينجلي الغبار سيعرف كل واحد منهم أفرس كان تحته أم حمار.

إن المكابرين والمعاندين ومن ظنوا أن الاسلام قد مات وشيّع إلى مثواه الأخير، وأن المسلمين سيكونون خدامًا وعبيداً، وأن نسائهم هنّ سبايا عندهم إن هؤلاء سيجدون أنفسهم أنهم كانوا اغبياء وحمقى، لأنهم لم يستمعوا لمن نصحوهم، وليكتشفوا ولكن بعد فوات الأوان أن دولة الإسلام قد قامت وأن خلافته أصبحت واقعًا.

وإذا كان ليبرمان قد قال إنه انتهى زمن النباح وبدأ زمن العضّ، فإنني أقول له: لقد انتهى زمن الكلاب والحمير، وبدأ زمن الخيل الأصايل، بل إنه زمن الأسود وإن غدًا لناظره قريب، وانتظروا إنا منتظرون.

رحم الله قارئا دعا لنفسه ولي ولوالدي بالمغفرة

والله غالب على أمره ولكن أكثر الناس لا يعلمون

 

 

 

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى